أي لم يمنعني ويَحْبِسْنِي.

فصل


قال ابن الخطيب: معنى قوله: (» لاَ يَلِتْكُمْ «) لا يَنْقُصُكُم، المراد منه أنكم إذا أتيتم بما يليق بضعِّفكُم من الحسنة فهو يؤتيتكم به من الجزاء؛ لأن من حمل إلى ملك فاكهة طيبةً يكون ثمنها في السوق درهماً فأعطاه الملك درهماً انتسب الملك إلى البخل، وإما معناه ألاّ يُعْطِي مثل ذلك من غير نقص أي يعطي ما تتوقعون بأعمالكم من غير نقص.
ثم قال: ﴿إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ أي يغفر لكم ما قدم سلق ويرحمكم بما أتيتم به.
قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا المؤمنون الذين آمَنُواْ بالله وَرَسُولِهِ﴾ هذاإرشاد للذين قالوا آمنّا؛ بين لهم حقيقة الإيمان فقال: إنْ كُنتمْ تريدون الإيمان فالمؤمن من آمن بالله ورسوله ﴿ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ﴾ أي لم يشكوا في دينهم وأيقنوا بأن الإيمان إيقانٌ. و «ثُمَّ» للتراخي في الحكاية كأنه يقول: آمنوا ثم أقول شيئاً آخر لم يرتابوا.
ويحتمل أن تكون للتراخي في الفعل، أي آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا فيما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من الحشر والنَّشْر ﴿وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ الله﴾ أي ايقنوا أن بعده هذه الدار دارٌ أخرى فجاهدوا طالبين العُقْبَى ﴿أولئك هُمُ الصادقون﴾ في إيمانهم.
فإن قيلأ: كيف يجوز أن يكذبوا في الإسلام، والإسلام هو الانقياد وقد وجد منهم قولاً وفعلاً، وإن لم يوجد اعتقاداً أو علماً، وذلك القدر كاف في صدقهم في قولهم: إِنَّا أَسْلَمْنَا؟!.
فالجواب: إن التكذيبَ يقع الى وجهين:
أحدهما: إن لا يوجد نفس المخبر عنه.
والثاني: إن لا يوجد كما أخبر في نفسك، فقد يقول له: ما جئتنا بلْ جئتَ


الصفحة التالية
Icon