الشرط مقدر أي فَهُوَ المَانُّ عليكم لا أَنتم عَلَيْه وعَلَيَّ.
فإن قيل: كيف مَنَّ عليهم بالهداية إلى الإيمان مع أنه تبين أنهم لم يؤمنوا؟.
فالجواب من ثلاث أوجه:
أحدها: أنه تعالى لم يقل: بل الله يمن عليكم أن رزقكم الإيمانَ بلْ قال: أنْ هَدَاكُمْ للإِيمان.
وثانيها: أنَّ إرسال الرسول بالآيات البينات هدايةٌ.
ثالثها: أنه تعالى يمنُّ عليهم بما زعموا فكأنه قال: أنتم قلتم آمنا فذلك نعمة في حقكم حيث تخلصتم من النار فقال: هداكم في زعمكم، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنُ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾.
ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ... ﴾ الآية؛ وهذا تقرير لأول السورة حيث قال: «إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَليمٌ»، فأخبر ههنا عن علمه وبصره.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السماوات والأرض والله بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ قرأ ابن كثير بالغيبة، نظراً لوقله: يَمُنُّونَ وما بعده، والباقون بالخطاب، نظراً إلى قوله: لاَ تَمُنُّوا عَلَيَّ إسْلاَمَكُمْ إلى آخره، وفي هذه الآية إشارة أنه يُبْصرُ أعمال جوارحكم الظاهرة والباطنة، لا يخفى عليه شيءٌ.
قال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «مَنْ قَرَأَ سُورَة الحُجُرَاتِ أُعْطِيَ مِنَ الأَجْر عَشْرَ حَسَنَاتٍ بِعَدَدِ مَنْ أَطَاعَ اللهَ وَعَصَاهُ» (انتهى).