قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الذي آمَنَ ياقوم اتبعون أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرشاد﴾ أي طريق الهدى ﴿ياقوم إِنَّمَا هذه الحياة الدنيا مَتَاعٌ﴾ أي متعةٌ تنتفعون بهنا مرة ثم تنقطع ﴿وَإِنَّ الآخرة هِيَ دَارُ القرار﴾ التي لا تزول، ثم قال: ﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلاَ يجزى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فأولئك يَدْخُلُونَ الجنة يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ تقدم الخلاف في قوله: «يدخلون الجنة» في سورة النساء. وقال مقاتل: لا تبعة عليهم فيما يُعْطَوْنَ في الجنة من الخيرات.
واختلفوا في تفسير قوله: «بِغَيْرِ حِسَابٍ» فقيل: لما كان لا نهاية لذلك الثواب قيل: بغير حساب، وقيل: لأنه تعالى معطيهم ثواب آبائِهِمْ، ويضم إلى ذلك الثواب من التفضيل ما يخرج من الحساب واقع في مقابلة: «إلاّ مثلها» يعني أن جزاء السيئة له حساب وتقدير، لئلا يزيد على الاستحقاق فأما جزاء العمل الصالح فبغير تقدير وغير حساب، وهذا يدل على أن جانب الرحمة والفضل راجحٌ على جانب العقاب، فإذا عارضنا عُمُومَاتِ الوَعِيدِ بعُمُومَاتِ الوَعْد وجب أن يكون الترجيحُ لجانبِ عُمُومَاتِ الوعد، وذلك يهدم قواعد المعتزلة.
فصل
احتج أهل السنة بهذه الآية، فقالوا: قوله: ﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً﴾ نكرة في معرض الشرط في جانب الإثبات فجَرَى مَجْرَى أن يقال: «من ذكر كلمة أو من خطا خطوة فله كذا» فإنه يدخل فيه أنّ من آمن بتلك الكلمة أو بتلك الخطوة مرة واحدة فكذلك ها هنا