عربياً» وهي حال غير متنقلة وصاحب الحال إما كتاب لوصفه بفصلت، وما «آياته»، أو منصوب على المصدر، أي يقرأه قرآناً أو على الاختصاص والمدح، أو مفعول ثانٍ «لفصلت»، أو منصوب بتقدير فعل، أي فصَّلْنَاهُ قُرْآناً.
قوله: «لِقَومٍ» فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يتعلق «بفصلت» أي فصلتُ لهؤلاءِ وبينتُ لهم؛ لأنهم هم المنتفعون بها وإن كانت مفصلة في نفسها لجميع الناس.
الثاني: أن يتعلق بتنزيل. وهذا إذا لم تجعل «مِنَ الرَّحْمنِ» صفة له؛ لأنك إن جعلت «من الرحمن» صفة له، فقد أعلمت المصدر الموصوف وإذا لم يكن «كتاب» خبراً عنه، ولا بدلاً منه؛ لئلا يلزم الإخبار عن الموصول أو المبدل منه قبل تمام صلته، ومن يتسع في الظرف وعديله لم يبال بشيءٍ.
وأما إذا جعلت «من الرحمن» متعلقاً به و «كتاب» فاعلاً به فلا يَضُرُّ ذلك؛ لأنه من تتماته وليس بأجنبي.
فصل
اعلم أنه تعالى حكم على هذه السورة بأشياء:
أولها: كونها تنزيلاً، والمراد المنزل، والتعبير عن المفعول بالمصدر مجاز مشهور، كقوله: هذا بناء الأمير أي مبنيّه، وهذا الدِّرهم ضربُ السُّلطان (أي مضروبه) ومعنى كونه منزلاً: أن الله كتبها في اللوح المحفوظ، وأمر جبريل، عليه (الصلاة) والسلام أن يحفظ الكلمات ثم ينزل بها على النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ويُؤَدِّيها إليه، فلما حصل تفهيمُ هذه الكلمات بواسطة نزول جبريل عليه (الصلاة) والسلام سمي بذلك تنزيلاً.
وثانيها: كون ذلك التنزيل من الرحن الرحيم، وذلك يدل على أن ذلك التنزيل نعمةٌ عظيمة من الله تعالى، لأن الفعل المقرون بالصفة لا بد وأن يكون مناسباً لتلك