نصبت حالاً. وجوز أبو البقاء أن يتعلق بِأَلَتْنَاهُمْ.
فصل
في قوله:» وَمَا أَلَتْنَاهُمْ «تطييب لقلبهم، وإزالة وَهَم المتَوهِّم أن ثواب عمل الأب يوزع على الوَالِدِ والوَلَدِ بل للوالد أجْر عَمَلِهِ، ولأولاده مثل ذلك فضلاً من الله ورحمة. وقال: مِنْ عملهم» ولم يقل: من أجرهم لأن قوله: وما ألتناهم من عملهم دليل على بقاء عملهم كما كان، والأجر على العمل مع الزيادة فيكون فيه إشارة إلى بقاء العمل الذي له الأجر الكبير الزائد عليه العظيم العائد إِليه، ولو قال: وَمَا أَلَتْنَاهُمْ من أجرهم لكان ذلك حاصلاً بأدنى شيء، لأن كل ما يعطي الله عبده على عمله فهو أجر كامل، ولأنه لو قال: مَا أَلَتْنَاهُمْ من أجرهم كان مع ذلك يحتمل أن يقال: إن الله تعالى يفضل عليه بالأجر الكامل على العمل الناقص، وأعطاه الأجر الجزيل مع أن عمله كان له ولولده جميعاً.
فإِن قيل: ما الفائدة في تنكير الإيمان في قوله: «وَأَتْبَعْنَاهُمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ بإِيمانٍ ألحقنا» ؟.
فالجواب: (هو) إما للتحقير أو للتكثير كأنه يقول أتبعناهم ذرياتهم بإِيمان مخلصٍ كاملٍ. أو نقول: أتبعناهم بإيمان ما أي شيء منه، فإِن الإِيمانَ كاملاً لا يوجد في الولد، بدليل أنَّ من آمنَ له ولدٌ صغيرٌ حكم بإِيمانه، فإِذا بلغ وصرح بالكفر وأنكر التَّبَعِيَّة قيل: بأنه لا يكون مرتداً وتبيين بقوله أنه لم يُتْبَعْ. وقيل: بأنه يكون مرتداً؛ لأنه كفر بعدما حكم بإِيمانه كولد المسلم الأصلي. فإِذن تبين بهذا الخلاف أنَّ إيمانَه ليس بقويٍّ. ذكر هذين الوجهين الزمخشري.
ويحتمل أن يكون المراد أن يكون التنوينُ للتعويض عن المضاف إِليه كقوله تعالى: ﴿بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ﴾ [الإسراء: ٨٨] و [الزخرف: ٦٧] ﴿وَكُلاًّ وَعَدَ الله الحسنى﴾ [الحديد: ١٠] لأن التقدير: أتبعناهم ذرياتهم بإيمان أي بسبب إيمانهم لأن الإِتباع ليس بإيمانٍ كَيْفَ كان وممَّنْ كَانَ وإِنما هو إِيمان الآباء، لكن الإِضافة تُنْبِئُ عن تَقْييد، وعدم كون الإِيمان إيماناً على الإِطلاق، فإن قول القائل: ماءُ الشجر وماءُ الرمان فيصحّ، وإطلاق اسم «ماء» من غير إضافة لا يصح، فقوله: «بإيمانهم» يوهم أنه إيمان مضافٌ إليهم كقوله تعالى: ﴿فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا﴾ [غافر: ٨٥] حيث أثبت الإِيمان المضاف فلم يكن إيماناً فقطع الإِضافة مع ردتها ليعلم أنه إيمان صحيحٌ وعوض التنوين ليعلم أنه مضاف لا