فصل


أول هذه السورة مناسب لآخر ما قبلها لفظاً ومعنى، أما لفظاً فقوله: «وَإِدْبَارَ النُّجُومِ» وافتتح هذه بالنجم مع واو القسم، وأما معنًى فلأنه تعالى لما قال لنبيه: ﴿وَمِنَ الليل فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النجوم﴾ [الطور: ٤٩] بين له أنه (جزأه في أجزاء مكابدة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالنجم) وبعده (عما لا يجوز له) فقال: ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غوى﴾.
قوله: «إذَا هَوَى» في العامل في هذا الظرف أوجه وعلى كل منها إِشْكَال.
أحدها: أنه منصوب بفعل القسم المحذوف تقديره: أُقْسِمُ بالنجم وقْتَ هُويه. قاله أبو البقاء. وهو مشكِل؛ فإن فعل القسم إنشاء والإنشاء حال و «إذا» لما يستقبل من الزمان فكيف يتلاقيان؟ ﴿.
الثاني: أن العامل فيه مقدر على أنه حال من (النَّجْمِ) أقْسَمَ به حال كونه مستقراً في زمان هُوِيِّهِ. وهو مشكلٌ من وجهين:
أحدهما: أن النجم جثّة والزمان لا يكون حالاً كما لا يكون خبراً.
والثاني: أن (إِذَا) للمستقبل فيكف يكون حالاً؟﴾
.
وقد أجيب عن الأول بأن المراد بالنَّجم القطعة من القرآن والقرآن قد نزل منجماً في عشرين سنة. وهذا تفسير عن ابن عباس وعن غيره.
وعن الثاني بأنها حال مقدرة.
الثالث: أن العامل فيه نفس النجم إذا أريد به القرآن. قاله أبو البقاء.
وفيه نَظَرٌ؛ لأن القرآن لا يعمل في الظرف إذا أريد أنه اسم لهذا الكتاب المخصوص. وقد يقال: إِنَّ النجم بمعنى المنجَّمِ كأنه قيل والقرآن المُنَجَّم في هَذَا الوَقْتِ.
وهذا البحث وارد في مواضع منها: ﴿والشمس وَضُحَاهَا﴾ وما بعده [الشمس: ١ - ٥] وقوله: ﴿والليل إِذَا يغشى﴾ [الليل: ١] ﴿والضحى والليل إِذَا سجى﴾ [الضحى: ١ و٢] وسيأتي في الشمس بحث أخص من هذا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. والهوِيُّ قال الراغب: سقوطٌ


الصفحة التالية
Icon