أحدها - ولم يذكر الزمخشري غيره -: أن تكون صفة لأَمْر، ويرتفع «كُلّ» حينئذ بالعطف على «الساعة» فيكون فاعلاً أي اقتربت الساعة وكل أمر مستقر.
قال أبو حيان: وهذا بعيد لوجود الفصل بجمل ثلاث، وبعيد أن يوجد مثل هذا التركيب في كلام العرب، نحو: «أَكَلْتُ خُبْزاً، وضَرَبْتُ خَالِداً» وأن يجيء: زيداً أكرمه ورحل إلى بني فلان ولحماً فيكون «ولحماً» معطوفاً على «خبزاً» بل لا يوجد مثله في كلام العرب. انتهى.
قال شهاب الدين: وإذا دل دليل على المعنى فلا يبالى بالفواصل، وأين فصاحة القرآن من هذا التركيب الذي ركبه هو حتى يقيسه عليه في المنع؟
الثاني: أن تكون «مستقراً» خبراً «لِكُلّ أَمْر». وهو مرفوع، إلا أنه خُفِضَ على الجِوَارِ.
قاله أبو الفضل الرازي.
وهذا لا يجوز، لأن الجِوَارَ إنما جاء في النعت أو العطف على خلاف في إتيانه كما تقدم في سورة المائدة فكيف يقال به في خبر المبتدأ؟ هذا ما لا يجوز.
الثالث: أن خبر المبتدأ قوله: «حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ» أخبر عن ﴿كُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ﴾ بأنه حكمة بالغة ويكون قوله: ﴿وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ الأنبآء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ﴾ [القمر: ٤] جملة اعتراض بين المبتدأ أو خبره.
الرابع: أن الخبر مقدر؛ فقدره أبو البقاء: معمول به أو أتى وقدره غيره: بالغوه؛ لأن قبله ﴿وكذبوا واتبعوا أهواءهم﴾ أي وكل أمر مستقر، أي لكل أمر حقيقة ما كان منه في الدنيا فسيظهر وما كان منه في الآخرة فسيعرف. وقال قتادة: وكل أمر مستقر فالخير مستقر بأهل الخير، والشر بأهل الشر. وقيل: كل أمر من خير أو شر مستقر قراره، فالخير مستقر بأهله في الجنة والشر مستقر بأهله في النار. وقيل: مستقر قول المصدقين والمكذبين حتى يعْرفوا حقيقته بالثواب والعذاب، وقال مقاتل: لكل