قال ابن الخطيب: ويحتمل أن يقال: التقى الماء أي اجتمع على أمر هلاكهم وهو كأنه مقدور (مقدر). وفيه رد على المنجِّمين الذين يقولون: إن الطوفان كان بسبب اجتماع الكواكب السبعة في برج مائيّ والغرق لم يكن مقصوداً بالذات وإنما ذلك أمر لزم من الطوفان الواجب وقوعه، فرد الله عليهم بأنه لم يكن ذلك إلا لأمر قد قُدِرَ، ويدل عليه أن الله تعالى أوحى إلى نوح بأنهم مُغْرَقُونَ.
قوله: ﴿وَحَمَلْنَاهُ على ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ﴾ أي سفينة ذاتِ ألواح. قال الزمخشري: وهي من الصفات التي تقوم مقام الموصوفات فتنوب منابَها وتؤدي مُؤَدَّاها بحيث لا يُفْصَلُ بينها وبينها ونحوه:
٤٥٩٥ -......................... وَلَكن قَمِيصي مَسْرُودَة مِنْ حَدِيدِ
أراد ولكن قميصي درع، وكذلك:
٤٥٩٦ -......................... وَلَوْ فِي عُيُون النَّازِيَاتِ بِأَكْرُعِ
أراد ولو في عيون الجرار، ألا ترى أنك لو جمعت بين الصفة وبين هذه الصفة، أو بين الجرار والدرع وهاتين الصفتين لم يصح. وهذا من فصيح الكلام وبَدِيعِهِ.
والدُّسُر، قيل: المسامير جمع دِسَارٍ، نحو كُتُب في جمع كِتاب وقال الزمخشري: جمع دِسَارة، وهو المِسْمَارُ فعالة من دسره إذا دفعه، لأنه يدسر به منفذه.
وقال الراغب: الواحد دَسْرٌ فيكون مثل سَقْف وسُقُف وقال البغوي: واحدها دِسَار ودَسِيرٌ.


الصفحة التالية
Icon