فصل
وحذفت ياء الإضافة من «نُذُر» كما حذفت ياء «يَسْر» في قوله تعالى: ﴿والليل إِذَا يَسْرِ﴾ [الفجر: ٤] ؛ وذلك عند الوقف، ومثله كثير، كقوله: ﴿فَإِيَّايَ فاعبدون﴾ [العنكبوت: ٥٦] ﴿وَلاَ يُنقِذُونَ﴾ [يس: ٢٣] ﴿ياعباد فاتقون﴾ [الزمر: ١٦] ﴿وَلاَ تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: ١٥٢] وقرىء بإثبات الياء في: «عَذَابِي ونُذُرِي».
قوله: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرآن﴾ هيأناهُ «لِلذِّكْرِ» من قولهم: «يَسَّرَ فَرَسَهُ» أي هَيَّأَهُ للركوب بإِلجامه، قال:
٤٥٩٨ - فَقُمْتُ إِلَيْهِ باللِّجَامِ مُيَسِّراً | هُنَالِكَ يَجْزِيني الَّذِي كُنْتُ أَصْنَعُ |
وقوله: ﴿فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ مُتَّعِظٍ بمواعظه.
ذكر ههنا: ﴿فكيف كان عذابي ونذر﴾ مرتين، فالأول سؤال، كقول المعلم للمتعلم: كَيْفَ المَسْأَلَةُ الفُلاَنِيَّةُ؟ ثم بين فقال: «إِنَّا أَرْسَلْنَا»، والثاني بمعنى التعظيم والتهويل.
فإن قيل: قال في قوم نوح: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ ولم يقل في عاد: كَذَّبَتْ قَوْمُ هُودٍ؛ لأن التعريف كلما أمكن أن يؤتى به على وجه أبلغ فالأولى أن يؤتى به والتعريف بالاسم العلم أقوى من التعريف بالإِضافة؛ لأنك إذا قلت: «بَيْتُ اللَّهِ» لا يفيد ما يفيد قولك: الكَعْبَةُ، وكذلك إذا قلت: رَسُولُ اللَّهِ وقلت: محمد «فَعَادٌ» اسم علمٍ للقوم.
ولا يقال: قَوْم هُودٍ أعرف لوجهين:
أحدهما: أن الله تعالى وصف عاداً بقوم هود في قوله: ﴿أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ﴾ [هود: ٦٠] ولا يوصف الأظهر بالأخفى، والأخصُّ بالأعمِّ.
ثانيهما: أن قوم هو (واحد وعَادٌ قيل:) إنه لفظٌ يقع على أقوام، ولهذا قال