على أنه معطوف على مفعول «رفعها» أي: «ورفع ووضْع الميزان» أي جعل له مكانة ورفعة لأخذ الحُقُوق به، وهو من بديع اللفظ حيث يصير التقدير: «ورفع ووضع الميزان».
قال الزمخشري: «فإن قيل: كيف أخلّ بالعاطف في الجمل الأول وجيء به بعده؟.
قلت: بَكَّتَ بالجمل: الأول، وأورده على سننِ التعديد للذين أنكروا الرحمن وآلاءه كما تبكت منكر أيادي المنعم من الناس بتعدّدها عليه في المثال الذي قدمته، ثم رد الكلام إلى منهاجه بعد التَّبكيت في وصل ما يجب وصله للتناسب والتقارب بالعاطف.
فإن قلت: أي تناسب بين هاتين الجملتين حتى وسط بينهما العاطف؟.
قلت: إن الشمس والقمر سماويَّان، والنجم والشجر أرضيَّان فبينهما تناسب من حيث التقابل، وإن السماء والأرض لا يزالان يذكران قرينتين، وإن جري الشمس والقمر بحسبان من جنس الانقياد لأمر الله، فهو مناسب لسجود النجم والشجر».
فصل في المراد بوضع الميزان
قال مجاهد وقتادة: وضع الميزان عبارة عن العدل.
قال السدي: «ووضع الميزان» وضع في الأرض العدل الذي أمر به، يقال: وضع الله الشريعة، ووضع فلان كذا أي ألقاه.
وقيل: على هذا الميزان القرآن، لأن فيه بيان ما يحتاج إليه.
وهو من قول الحسين بن الفضل.
وقال الحسن وقتادة - أيضاً - والضحاك: هو الميزان الذي يوزن به لينتصف به الناس بعضهم من بعض، وهو خبر بمعنى الأمر بالعدل يدل عليه قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُواْ الوزن بالقسط﴾ [الرحمن: ٩].
والقسْط هو العَدْل، وقيل: هو الحكم.