٤٦٣٠ - خَلِيلَيَّ مُرَّا بِي..........................
وقيل: التثنية للتأكيد.
وقيل: التكذيب يكون بالقلب، أو باللسان، أو بهما، فالمراد هما.

فصل في آلاء الله تعالى


قال ابن زيد: المراد بالآلاء: القدرة، والمعنى: فبأي قدرة ربكما تكذبان، وهو قول الكلبي.
واختار محمد بن علي الترمذي، وقال: هذه السورة من بين السور علم القرآن، والعلم: إمام الجند، والجند تتبعه، وإنما صارت علماً؛ لأنها سورة صفة الملك والقدرة، فقال: ﴿الرحمن عَلَّمَ القرآن﴾ فافتتح السورة باسم الرحمن من بين الأسماء ليعلم العباد أن جميع ما يصفه بعد هذا من أفعاله ومن ملكه وقدرته خرج إليهم من الرحمة، فقال: ﴿الرحمن عَلَّمَ القرآن﴾.
ثم ذكر الإنسان فقال: «خَلَقَ الإنسان» ثم ذكر ما صنع به، وما من عليه به، ثم ذكر حُسْبَان الشمس والقمر، وسجود الأشياء من نجم وشجر، وذكر رفع السماء، ووضع الميزان وهو العدل، ووضع الأرض للأنام، فخاطب هذين الثقلين: الإنس والجن، حين رأوا ما خرج من القدرة والملك برحمانيته التي رحمهم بها من غير منفعة، ولا حاجة إلى ذلك، فأشركوا به الأوثان، وكل معبود اتخذوه من دونه، وجحدوا الرحمة التي خرجت هذه الأشياء بها إليهم.
فقال سائلاً لهم: ﴿فبأي آلاء ربكما تكذبان﴾ أي: بأي قدرة ربكما تكذبان، وإنما كان تكذيبهم أنهم جعلوا له في هذه الأشياء التي خرجت من قدرته وملكه شريكاً يملك معه، ويقدر معه، فذلك تكذيبهم، ثم ذكر خلق الإنسان من صلصال، وذكر خلق الجانّ من مارجٍ من نارٍ، ثم سألهم فقال: ﴿فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ أي: بأي قدرة ربكما تكذبان، فإن له في كل خلق قدرة بعد قدرة، فالتكرير في هذه الآيات للتأكيد، والمبالغة في التقرير، واتخاذ الحجة عليهم بما وقفهم على خلقٍ بعد خلق.


الصفحة التالية
Icon