فصل في معنى الآية
قال المفسرون: ﴿إذا وقعت الواقعة﴾ أي: إذا قامت القيامة، والمراد: النَّفخة الأخيرة، وسميت الواقعة لأنها تقعُ عن قرب.
وقيل: لكثرة ما يقع فيها من الشَّدائد.
قال الجرجاني: «إذا» صلة، أي: وقعت الواقعة، كقوله: ﴿اقتربت الساعة﴾ [القمر: ١] ﴿أتى أَمْرُ الله﴾ [النحل: ١] وهو كما يقال: جاء الصوم، أي: دنا واقترب.
وقال القرطبي: فيه إضمار، أي: اذكر إذا وقعت، وعلى هذا «إذا» للتَّوقيت، والجواب قوله: ﴿فَأَصْحَابُ الميمنة﴾ [الواقعة: ٨].
وقال ابن الخطيب: أو يكون التقدير: إذا وقعت الزلزلة الواقعة يعترف بها كل أحد، ولا يتمكّن أحد من إنكارها.
و ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾.
«الكاذبة» : مصدر بمعنى الكذب، والعرب قد تضع الفاعل والمفعول موضع المصدر كقوله تعالى: ﴿لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً﴾ [الغاشية: ١١] أي: لغو، والمعنى: ليس لها كذب.
قاله الكسائي.
ومنه قول العامة: عائذاً بالله، أي: معاذ الله، وقُمْ قائماً، أي: قم قياماً.
وقيل: الكاذبة: صفة، والموصوف محذوف، أي: ليس لوقعتها حال كاذبة أو نفس كاذبة، أي كل من يخبر عن وقعتها صادق.
وقال الزجاج: ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾ أي: لا يردها شيء. ونحوه قول الحسن وقتادة.
وقال الثوري: ليس لوقعتها أحد يكذب بها.
وقيل: إن قيامها جدّ لا هزل فيه.
وقوله: ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾.
قال عكرمة ومقاتل والسدي: خفضت الصوت فأسمعت من دنا، ورفعت من نأى، يعنى أسمعت القريب والبعيد.
وعن السّدي: خفضت المتكبرين ورفعت المستضعفين.