ومعنى الآية لا ينبو عنه.
قال علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: الهباء المُنْبَثّ: الرَّهجُ الذي يسطع من حوافر الخيل ثم يذهب، فجعل الله تعالى أعمالهم كذلك.
وقال مجاهد: «الهَبَاء» : الشعاع الذي يكون في الكُوة كهيئة الغُبَار، وروي نحوه عن ابن عباس.
وعنه أيضاً: أنه ما تطاير من النَّار إذا اضطربت يطير منها شرر فإذا وقع لم يكن شيئاً.
وقال عطية: «المنبث» : المتفرق، قال تعالى: ﴿وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ﴾ [البقرة: ١٦٤] أي: فرق ونشر.
قوله: ﴿وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً﴾.
أي: أصنافاً ثلاثة، كل صنف يشاكل كل ما هو منه كما يشاكل الزوج الزوجة، ثم بين من هم، فقال: ﴿فَأَصْحَابُ الميمنة﴾، ﴿وَأَصْحَابُ المشأمة﴾، ﴿والسابقون﴾.
قوله: ﴿فَأَصْحَابُ الميمنة مَآ أَصْحَابُ الميمنة﴾.
«أصحاب» الأول مبتدأ، و «ما» استفهامية - فيه تعظيم - مبتدأ ثاني، و «أصحاب» الثاني خبره، والجملة خبر الأول، وتكرار المبتدأ الأول هنا بلفظه مغنٍ عن الضمير، ومثله: ﴿الحاقة مَا الحآقة﴾ [الحاقة: ١، ٢]، ﴿القارعة مَا القارعة﴾ [القارعة: ١، ٢] ولا يكون ذلك إلا في مواضع التَّعظيم.
فإن قيل: إن «ما» نكرة وما بعدها معرفة، فكان ينبغي أن يقال: «ما» خبر مقدم، و «أصحاب» الثاني وشبهه مبتدأ؛ لأن المعرفة أحق بالابتداء من النكرة؟ وهذا السؤال واردٌ على سيبويه في مثل هذا.
وفي قولك: «كَمْ مالك، ومرَرْتُ بِرَجُلٍ خَيْرٍ منهُ أبُوه» فإنه يعرب «ما» الاستفهامية، و «كم» و «أفعل» مبتدأ وما بعدها خبرها.