وإنما يليق عطفه على أصحاب الميمنة، كأنه قيل: وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة والسابقون، أي: وما السابقون؟ تعظيماً لهم، فيكونون شركاء أصحاب الميمنة في التعظيم، ويكون قوله على هذا: ﴿وأصحاب المَشْأمة ما أصحاب المشأمة﴾ اعتراضاً بين المتعاطفين، وفي هذا الوجه تكلف كثير جداً.

فصل في المراد بالسابقين


قال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «السَّابقُون الَّذينَ إذَا أعْطُوا الحقَّ قبلوهُ، وإذا سُئِلُوه بذلُوهُ، وحَكمُوا للنَّاسِ كحُكْمِهِمْ لأنفُسِهِمْ».
ذكره المهدوي.
وقال محمد بن كعب القرظي: هم الأنبياء.
وقال الحسن وقتادة: هم السابقون إلى الإيمان من كل أمة.
وقال محمد بن سيرين: هم الذين صلّوا إلى القبلتين، قال تعالى: ﴿والسابقون الأولون مِنَ المهاجرين والأنصار﴾ [التوبة: ١٠٠].
وقال مجاهد والضحاك: هم السَّابقون إلى الجهاد، وأول الناس رواحاً إلى صلاة الفرائض في الجماعة وقال علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: هم السابقون إلى الصَّلوات الخمس.
وقال سعيد بن جبير: إلى التوبة، وأعمال البر، قال تعالى: ﴿وسارعوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السماوات والأرض﴾ [آل عمران: ١٣٣] ثم أثنى عليهم فقال: ﴿أولئك يُسَارِعُونَ فِي الخيرات وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ [المؤمنون: ٦١].
وقيل: إنهم أربعة: منهم سابق أمة موسى، وهو حزقيل مؤمن آل فرعون، وسابق أمة عيسى، وهو حبيب النَّجَّار صاحب «أنْطَاكية»، وسابقان في أمّة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وهما أبو بكر وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - قاله ابن عباس.
حكاه
الماوردي.
وقال شميط بن العجلان: النَّاس ثلاثة: فرجل ابتكر للخير في حداثة سنه، ثم داوم عليه حتى خرج من الدنيا، فهذا هو السَّابق المقرب ثم طول الغفلة ثم رجع بتوبته حتى


الصفحة التالية
Icon