وعنه - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - قال: «مَنْ مَاتَ مِنْ أهْلِ الجنَّةِ من صغيرٍ وكبيرٍ دُون بَنِي ثلاثِيْن سنةً في الجنَّةِ، لا يزيدُون عليْهَا أبداً، وكذلكَ أهْلُ النَّارِ».
قوله: ﴿لأَصْحَابِ اليمين﴾.
في هذه «اللام» وجهان:
أحدهما: أنها متعلقة ب «أنْشَأْنَاهُنَّ» أي لأجل أصحاب اليمين.
والثاني: أنها متعلقة ب «أتْرَاباً» كقولك: هذا تربٌ لهذا، أي: مُسَاو له.
وقيل: الحور العين: للسَّابقين، والأتْرَاب العُرُب: لأصحاب اليمين.
قوله: ﴿ثلة من الأولين، وثلة من الآخرين﴾.
رجع الكلام إلى قوله تعالى: ﴿وَأَصْحَابُ اليمين مَآ أَصْحَابُ اليمين﴾ [الواقعة: ٢٧] أي هم ثلة من الأولين، وثلة من الآخرين، وقد مضى الكلام في معناه.
وقال أبو العالية، ومجاهد، وعطاء بن أبي رباح والضحاك: ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الأولين﴾ يعني: من سابقي هذه الأمة، ﴿وَثُلَّةٌ مِّنَ الآخرين﴾ من هذه الأمة من آخرها.
بدليل ما «روي عن ابن عباس في هذه الآية: ﴿ثلة من الأولين، وثلة من الآخرين﴾، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» جَمِيعاً مِنْ أمَّتِي «».
وقال الواحدي: «أصحاب الجنة نصفان: نصف من الأمم الماضية، ونصف من هذه الأمة». ويرد هذا ما روى ابن ماجه في «سننه» والترمذي في «جامعه» عن بريدة بن الحصيب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «أهْلُ الجنَّةِ عِشْرُونَ ومائة صنف، ثمانُون منْهَا من هذهِ الأمَّةِ، وأربعُونَ من سَائِرِ الأمَمِ».
قال الترمذي: هذا حديث حسن.
و «ثُلَّةٌ» رفع على الابتداء، أو على حذف خبر حرف الصفة، ومجازه: لأصحاب اليمين ثلَّتان: ثلّة من هؤلاء، وثلّة من هؤلاء.


الصفحة التالية
Icon