قال الزمخشري: «كرم الظل نفع الملهوف، ودفع أذى الحرّ عنه».
قال ابن الخطيب: ولو كان كذلك لكان البارد والكريم بمعنى واحد، والأقوى أن يقال: فائدة الظل أمران:
أحدهما: دفع الحر.
والآخر: كون الإنسان فيه مكرماً؛ لأن الإنسان في البرد يقصد الشمس ليدفأ بحرّها إذا كان قليل الثِّياب، وفي الحرّ يطلب الظِّل لبرده، فإذا كان من المكرمين يكون أبداً في مكان يدفع الحر والبرد عن نفسه، فيحتمل أن يكون المراد هذا.
ويحتمل أن يقال: الظل يطلب لأمر حسّي، وهو يرده، ولأمر عقلي وهو التّكرمة، وهذا معنى ما نقله الواحدي عن الفرَّاء بنفي كل شيء مستحسن، فيقولون: «الدار لا واسعة ولا كريمة».
قوله: ﴿إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ﴾.
أي: إنما استحسنوا هذه العقوبة؛ لأنهم كانوا في الدنيا متنعّمين بالحرام.
و «المُتْرَف» : المنعم.
قاله ابن عباس وغيره.
وقال السُّدي: «مُتْرَفينَ» أي: مشركين.
قوله: ﴿وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى الحنث العظيم﴾.
الحِنْثُ في أصل كلامهم: العدل الثقيل، وسمي به الذنب والإثم لثقلهما، قاله الخطابي.
وفلان حَنِثَ في يمينه، أي لم يَفِ به؛ لأنه يأثم غالباً، ويعبر بالحِنْثِ عن البُلُوغ، ومنه قوله: «لَمْ يَبْلغوا الحِنْثَ».
وإنما قيل ذلك؛ لأن الإنسان عند بلوغه إيَّاه يؤاخذ بالحنث، أي: بالذنب، وتَحَنَّثَ فلان، أي جانب الحِنْث.
وفي الحديث: «كَانَ يَتَحَنَّثُ بِغَارِ حِرَاءَ»، أي: يتعبّد لمُجانبته الإثم، نحو: «تَحَرَّجَ» فتفعَّل في هذه كلِّها للسَّلْب.