ولو كان المراد طهر الحدث لقال: المتطهرون أو المطهرون بتشديد «الطاء».
والصحيح أن المراد بالكتاب: المصحف الذي بأيدينا؛ لما روى مالك وغيره: أن في كتاب عمرو بن حزم: «لا يمسّ القرآنَ إلاَّ طاهرٌ».
وقال ابن عمر: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «لا تمسَّ القُرآنَ إلاَّ وأنْتَ طاهرٌ».
وقالت أخت عمر لعمر عند إسلامه، وقد دخل عليها ودعا بالصحيفة: ﴿لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون﴾ فقام واغتسل، وأسلم.
وعلى هذا قال قتادة وغيره: معناه: لا يمسه إلا المطهّرون من الأحداث والأنجاس.
وقال الكلبي: من الشِّرْك.
وقال الربيع بن أنس: من الذنوب والخطايا.
وقال محمد بن فضيل وعبدة: لا يقرؤه إلا المطهرون، أي: إلاَّ الموحدون.
قال عكرمة: وكان ابن عباس ينهى أن يمكن اليهود والنصارى من قراءته.
وقال الفراء: لا يجد نفعه وطعمه وبركته إلا المطهرون، أي: المؤمنون بالقرآن، وقال الحسين بن الفضل: معناه: لا يعرف تفسيره وتأويله إلاَّ من طهَّره الله من الشِّرْك والنفاق.
وقال أبو بكر الورَّاقُ: لا يوفق للعمل به إلا السُّعداء.
وروى معاذ بن جبل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن المعنى: لا يمسّ ثوابه إلا المؤمنون.
فصل في مس المصحف لغير المتوضىء
اختلف العلماء في مسِّ المصحف على غير وضوء.
فالجمهور على المَنْع من مسِّه على غير طهارة لحديث عمرو بن حزم، وهو مذهب علي، وابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وعطاء، والزهري، والنخعي والحكم وحماد، وجماعة من الفقهاء منهم مالك والشَّافعي.
واختلفت الرواية عن أبي حنيفة.
فروي عنه أنه يمسّه المحدث، وهذا مروي عن ابن عباس والشعبي وغيرهما، وروي عنه أنه يمس ظاهره وحواشيه، وما ليس بمكتوب.