قال عامر بن عبد قيس: ما نظرت إلى شيء إلاَّ رأيت الله - تعالى - أقرب إليَّ منه.
وأن يكون من البصر، أي لا تنظرون أعوان ملك الموت، والمعنى: أن رسلنا الذين يتولون قبض روحه أقرب إليه منكم لكن لا ترونهم.
قوله: ﴿فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ﴾.
«إن كنتم» شرط، جوابه محذوف عند البصريين لدلالة «فلولا» عليه، أو مقدم عند من يرى ذلك كما تقدم تقريره.
والمعنى: فهلا كنتم غير محاسبين، ولا مجزيين بأعمالكم، ومنه قوله تعالى: ﴿أَإِنَّا لَمَدِينُونَ﴾ [الصافات: ٥٣]، أي: مجزيّون أو محاسبون. وقد تقدم.
وقيل: غير مملوكين، ولا مقهورين.
قال الفراء وغيره: دِنْتُه، ملكته.
قال الحطيئة: [الوافر]
٤٧١٥ - لَقَدْ دُيِّنْتِ أمْرَ بَنِيكِ حَتَّى | تَرَكْتِهِمُ أدَقَّ مِنَ الطَّحِينِ |
ودانه: أي أذله واستعبده، يقال: دنْتُه فدان.
ومنه دانت له البلاد والعباد، وقد تقدم في «الفاتحة» عند قوله «يوم الدِّين».
قوله: ﴿تَرْجِعُونَهَآ﴾.
قال أبو البقاء: «تَرْجعُونَها» جواب «لولا» الأولى، وأغنى ذلك عن جواب الثانية.
وقيل: بعكس ذلك.
وقال الزمخشري: «إنّ» لولا «الثانية تكرير». انتهى.
قال شهاب الدين: وتسمية مثل هذا جواباً ليس بصحيح ألبتة؛ لأن هذه تحضيضية لا جواب لها، إنما الجواب للامتناعية لوجود، نحو: ﴿وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ﴾ [النور: ٢١].
وقال ابن عطية: وقوله: «ترجعونها» سدّ مسدّ الأجوبة والبيانات التي تقتضيها التحضيضيات، وإذا في قوله «فَلوْلاَ إذَا»، وإن المتكررة، وحمل بعض القول بعضاً إيجازاً واختصاراً. انتهى.