وقوله: ﴿آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ يعني القرآن.
وقيل: المعجزات، أي: لزمكم الإيمان بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما معه من المعجزات والقرآن أكبرها وأعظمها.
﴿لِّيُخْرِجَكُم﴾ أي: بالقرآن.
وقيل: بالرسول.
وقيل: بالدعوة، ﴿مِّنَ الظلمات﴾، وهو الشرك والكفر.
﴿إِلَى النور﴾ وهو الإيمان ﴿وَإِنَّ الله بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾.
فصل في إرادة الله للإيمان
قال القاضي: هذه الآية تدل على إرادته للإيمان، أكد ذلك بقوله: ﴿وَإِنَّ الله بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾.
فإن قيل: أليس يدل ظاهرها على أنه يخرج من الظلمات إلى النور، فيجب أن يكون الإيمان من فعله؟.
قلنا: إذا كان الإيمان بخلقه لا يبقى لقوله: ﴿هُوَ الذي يُنَزِّلُ على عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم﴾ [الحديد: ٩] معنى؛ لأن ما يخلقه لا يتغير، بل المراد أنه يلطف بهم.
قال ابن الخطيب: وهذا على حسنه معارض بالعلم؛ لأنه علم أن إيمانهم لا يوجد فقد كلفهم بما لا يوجد، فكيف يعقل مع هذا أنه أراد منهم الخير والإحسان، وحمل بعضهم قوله: ﴿وَإِنَّ الله بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ على بعثة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ولا وجه لهذا التخصيص.
قوله تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ﴾.
الكلام فيه كالكلام في قوله: ﴿وَمَا لَنَآ أَلاَّ نُقَاتِلَ﴾ [البقرة: ٢٤٦]، فالأصل: «في ألا تنفقُوا».
فلما حذف حرف الجر جرى الخلاف المشهور، وأبو الحسن يرى زيادتها كما تقدم تقريره في البقرة.
قوله: ﴿وَلِلَّهِ مِيرَاثُ﴾ جملة حالية من فاعل الاستقرار أو مفعوله، أي: وأي شيء يمنعكم من الإنفاق في سبيل الله، والحال أن ميراث السموات والأرض له، فهذه حال منافية.