فصل في التقدم والتأخر في أحكام الدين
فإن قلت: التقدم والتأخر قد يكون في أحكام الدنيا، فأما في أحكام الدين فقالت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن ننزل النَّاس منازلهم. وأعظم المنازل مرتبة الصلاة.
وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في مرضه: «مُرُوا أبَا بَكْر فليُصَلِّ بالنَّاسِ».
وقال: «يَؤم القَوْمَ أقرؤهُم لِكتابِ اللَّه».
وقال: «وليؤمكما أكبركما».
وفهم منه العلماء أنه أراد كبر المنزلة، كما قال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «الوَلاَء للْكِبَرِ» ولم يَعْنِ كبر السن.
وقد قال مالك وغيره: إن للسن حقًّا، وراعاهُ الشَّافعي وأبو حنيفة، وهو أحق بالمراعاة.
وأما أحكام الدنيا فهي مرتبة على أحكام الدين، فمن قدم في الدين قدم في الدنيا.
وفي الحديث: «ليْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوقِّر كبِيْرنَا ويرْحَمْ صَغِيْرَنا ويَعرفْ لِعَالِمنَا حقَّهُ».
وفي الحديث أيضاً: «مَا أكْرَمَ شابٌّ شَيْخاً لسنِّهِ إلاَّ قيَّضَ اللَّهُ لهُ عِندَ سنِّهِ مَنْ يُكرمهُ».
قوله: ﴿وَكُلاًّ وَعَدَ الله الحسنى﴾.
قراءة العامة: بالنَّصب على أنَّه مفعول مقدم، وهي مرسومة في مصاحفهم «وكلاًّ» بألف.
وابن عامر: برفعه.