وهذا الذي قاله أبو علي ممنوع، ألا ترى أنه ينصب بعد «الفاء» في جواب الاستفهام بالأسماء، وإن لم يتقدم فعل نحو: أين بيتك فأزورك ومثل ذلك: من يدعوني فأستجيب له، ومتى تسير فأرافقك، وكيف تكون فأصحبك، فالاستفهام إنما وقع عن ذات الدَّاعي، وعن ظرف الزَّمان، وعن الحال لا عن الفعل.
وقد حكى ابن كيسان عن العرب: «أين ذهب زيدٌ فنتبعه، ومن أبوك فنكرمه».

فصل في المقصود بالقرض


ندب الله تعالى إلى الإنفاق في سبيل الله، والعرب تقول لكل من فعل فعلاً حسناً: «قد أقرض».
كما قال بعضهم رحمة الله عليه: [الرمل]
٤٧١٩ - وإذَا جُوزيتَ قَرْضاً فاجزه إنَّما يَجزي الفَتَى لَيْسَ الجَمَلْ
وسماه قرضاً؛ لأن القرض أخرج لاسترداد البدل، أي: من ذا الذي ينفق في سبيل الله حتى يبدله الله بالأضعاف الكثيرة.
قال الكلبي: «قرضاً» أي: صدقة.
«حسناً» أي: محتسباً من قلبه بلا منٍّ ولا أدى.
﴿فَيُضَاعِفَهُ لَهُ﴾ : ما بين سبع إلى سبعمائة إلى ما شاء الله من الأضعاف.
وقيل القَرْض الحسن هو أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
وقال زيد بن أسلم: هو النَّفقة على الأهل.
وقال الحسن: التطوُّع بالعبادات.
وقيل: عمل الخير.
وقال القشيري: لا يكون حسناً حتى يجمع أوصافاً عشرة:
الأول: أن يكون من الحلال، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «لا يَقْبَلُ اللَّهُ صلاةً بِغَيْرِ طهُورٍ، ولا صَدَقةً مِنْ غُلُولٍ».


الصفحة التالية
Icon