قال الماوردي: أظنّها بعد فصل القضاء، ثم يعطون نوراً يمشون فيه.
قال المفسّرون: يعطي الله كل أحد يوم القيامة نوراً على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط، ويعطي المنافقين [نوراً خديعة لهم، بدليل قوله تعالى: ﴿وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ [النساء: ١٤٢].
وقيل: إنما يعطون النور؛ لأن جميعهم أهل دعوة] دون الكافر، ثم يسلب المنافق نوره لنفاقه. قاله ابن عباس.
وقال أبو أمامة: يعطى المؤمن النور، ويترك الكافر والمنافق بلا نور.
وقال الكلبي: بل يستضيء المنافق بنور المؤمنين، [فبينما هم يمشون إذ بعث الله ريحاً وظلمة فأطفأ بذلك نور المنافقين، فذلك قول المؤمنين] :﴿رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾ [التحريم: ٨] خشية أن يسلبوه كما سلبه المنافقون، فإذا بقي المنافقون في الظلمة، فإنهم لا يبصرون مواضع أقدامهم، قالوا للمؤمنين: ﴿انظرونا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ﴾. قيل: ارجعُوا «وراءكم»، أي: إلى المواضع التي أخذنا منها النور، فاطلبوا هناك نوراً لأنفسكم، فإنكم لا تقتبسون من نورنا، فلما رجعوا وانعزلوا في طلبِ النور «ضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ».
وقيل: معناه هلاَّ طلبتم النور من الدنيا بأن تؤمنوا؟.
قوله: «وراءكم» فيه وجهان:
أظهرهما: أنه منصوب ب «ارجعوا» على معنى ارجعوا إلى الموقف إلى حيث أعطينا هذا النور، فالتمسوا هناك ممن يقتبس، أو ارجعوا إلى الدُّنيا فالتمسوا نوراً بتحصيل سببه، وهو الإيمان، أو يكون معناه: فارجعوا خائبين وتنحّوا عنَّا فالتمسوا نوراً آخر، فلا سبيل لكم إلى هذا النور.
والثاني: أن «وَرَاءكُم» اسم للفعل فيه ضمير فاعل، أي: ارجعوا «رجوعاً» قاله أبو البقاء.
ومنع أن يكون ظرفاً ل «ارجعوا».
قال: لقلّة فائدته؛ لأن الرُّجوع لا يكون إلاَّ إلى وراء.
قال شهاب الدين: «وهذا فاسد؛ لأن الفائدة جليلة كما تقدم شرحها».