و «الشهداء» هم الذين يلون الصديقين و «الصالحون» يلون الشهداء، فيجوز أن تكون هذه الآية في جملة من صدق بالرسل.
والمعنى: والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء، ويكون المعني بالشهداء من شهد لله بالوحدانية، أنهم شهداء عند ربهم على العباد في أعمالهم، والمراد أنهم عدول في الآخرة الذين تقبل شهاداتهم.
وقال الحسن: كل مؤمن فإنه شهيد كرامة.
وقال الفراء والزجاج: هم الأنبياء؛ لقوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هؤلاء شَهِيداً﴾ [النساء: ٤١].
وقال ابن جرير: «الشهداء» هم الذين استشهدوا في سبيل الله.
«وروي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال:» ما تَعُدُّون الشُّهداء فيْكُمْ «؟ قالوا: المقتول، فقال:» إنَّ شُهَداء أمَّتِي إذاً لقَلِيلٌ «».
وعلى هذا يكون منقطعاً عما قبله، وتكون «الواو» في «والشهداء» واو الاستئناف، وهذا مروي عن ابن عباس ومسروق.
وقوله: ﴿لَهُمْ أَجْرُهُمْ﴾ مما عملوا من العمل الصالح. و «نورهم» على الصراط.
ثم لما ذكر حال المؤمنين أتبعه بذكر حال الكافرين، فقال: ﴿والذين كفروا وكذبوا بآياتنا، أولئك أصحاب الجحيم﴾. ولما ذكر أحوال المؤمنين والكافرين ذكر بعده ما يدلّ على حقارة الدنيا، وكمال حال الآخرة، فقال:
﴿اعلموا أَنَّمَا الحياة الدنيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾.
«ما» صلة، أي: حياة هذه الدار لعبٌ باطل لا حاصل له، وهو فرح ثم ينقضي، وزينة ومنظر تتزيَّنُون به.
قوله: ﴿وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ﴾.
العامة على تنوين «تَفَاخُر» موصوف بالظرف، أو عامل فيه.
والسلمي أضافه إليه، أي: يفخر به بعضكم على بعض.


الصفحة التالية
Icon