الثاني: أن المخلوقة الآن في السماء السَّابعة، ولا يجوز إذا كانت في واحدة منها أن يكون عرضها كعرض كل السموات والأرض، فثبت بهذين الوجهين أنه لا بُدَّ من التأويل، وذلك من وجهين:
أحدهما: أنه - تعالى - لما كان قادراً لا يصحّ المنع عليه، وإذا كان حكيماً لا يصحّ الخلف في وعده، ثم إنه - تعالى - وعد على الطَّاعة بالجنة، فكانت الجنة كالمعدّة المهيّأة لهم تشبيهاً لما سيقع قطعاً بالواقع، كما يقول المرء لصاحبه: أعددت لك المكافأة إذا عزم عليها وإن لم يوجدها.
والثاني: أن المراد إذا كانت الآخرة أعدّها الله لهم، كقوله: ﴿ونادى أَصْحَابُ النار أَصْحَابَ الجنة﴾ [الأعراف: ٥٠] أي: إذا كان يوم القيامة نادى.
والجواب: أن قوله: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ﴾ [القصص: ٨٨] عام.
وقوله: ﴿أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٣] مع قوله: ﴿أُكُلُهَا دَآئِمٌ﴾ [الرعد: ٣٥] خاص، والخاصّ مقدّم على العام.
وأما قولهم: إنَّ الجنَّة مخلوقة في السماء السابعة كما قال - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - في صفة الجنة: «سَقْفُهَا عرْشُ الرَّحْمنِ» فأي استبعاد في أن يكون المخلوق فوق الشيء أعظم منه، أليس أن العرش أعظم المخلوقات، مع أنه مخلوق فوق السماء السابعة.
قوله: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ﴾ أي: أن الجنة لا تنال إلاَّ بفضل الله ورحمته، ﴿والله ذُو الفضل العظيم﴾.
قوله: ﴿مِن مُّصِيبَةٍ﴾ فاعل «أصاب»، و «من» مزيدة لوجود الشرطين، وذكر فعلها؛ لأن التأنيث مجازي


الصفحة التالية
Icon