فصل في أن ما كان وما يكون مكتوب في اللوح المحفوظ


قال ابن الخطيب: هذه الآية تدلّ على أن جميع الحوادث الأرضية قبل دخولها في الوجود مكتوبة في اللَّوح المحفوظ.
قال المتكلمون: وإنما كتب ذلك لوجوه:
أحدها: ليستدلّ الملائكة بذلك المكتوب على كونه - تعالى - على علم بجميع الأشياء قبل وقوعها.
وثانيها: ليعرفوا حكمة الله، فإنه - تعالى - مع علمه بأنهم يقدمون على المعاصي خلقهم ورزقهم.
وثالثها: ليحذروا من أمثال تلك المعاصي.
ورابعها: ليشكروا الله - تعالى - على توفيقه إياهم للطَّاعات، وعصمته إياهم عن المعاصي.

فصل في كيفية حدوث الأحداث


قال ابن الخطيب: إن الحكماء قالوا: إن الملائكة الذين وصفهم الله بأنهم هم المدبِّرات أمراً، والمقسمات أمراً، إنما هي المبادىء لحدوث الحوادث في العالم السفلي بواسطة الحركات الفلكية، والاتصالات الكوكبية، وتغيراتها هي الأسباب لتلك المسببات، وهذا هو المراد من قوله: ﴿إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ [سبأ: ٣].

فصل في مصائب الأنفس


قوله تعالى: ﴿وَلاَ في أَنفُسِكُمْ﴾ يتناول جميع مصائب الأنفس، فيدخل فيها كفرهم ومعاصيهم، فالآية دالة على أن جميع أعمالهم بتفاصيلها مكتوبةٌ في اللوح المحفوظ مثبتة في علم الله تعالى، فكان الامتناع من تلك الأعمال محال؛ لأن علم الله بوجودها مُنَافٍ لعدمها والجمع بين المتنافيين محال، وخصص مصائب الأرض والأنفس لتعلّقها بنا، ولم يقل: جميع الحوادث لشمولها حركات أهل الجنة والنار؛ لأنها غير متناهية، فإثباتها في الكتاب محال.
قال ابن الخطيب: وفي الآية دليلٌ على أن الله - تعالى - يعلم الأشياء قبل وقوعها خلافاً ل «هشام بن الحكم».


الصفحة التالية
Icon