وقوله: ﴿والله لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ أي: متكبر بما أوتي من الدنيا.
«فخور» به على النَّاس، قيل: الفخور الذي ينظر الناس بعين الاحتقار.

فصل فيمن قالوا بالإرادة والجبر


قال ابن الخطيب: المعتزلة وإن نازعوا في القدرة والإرادة، فهم مسلمون في العلم والجبر، فيلزمهم الجبر باعتبارهما.
والفلاسفة مذهبهم الجَبْر؛ لأن سبب الحوادث عندهم الاتصالات الفلكية.
والقدرية قالوا: بأن الحوادث اتفاقية، فجميع فرق العقلاء يلزمهم الجبر، سواء أقروا به أو أنكروه.

فصل في إرادة العبد الحزن والفرح


قالت المعتزلة: قوله: ﴿لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ﴾ يدل على أنه إنما أخبرهم بكتبها ليحترزوا عن الحزن والفرح، ولولا قدرتهم عليه لم يكن لذلك فائدة، ويدل على أنه لا يريد أن يقع منهم الفرح والحزن، وهو خلاف قول المجبرة؛ لأنه قال: ﴿والله لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ والمحبة هي الإرادة.
وأجيبوا بأن المحبة هي إرادة خاصة وهي إرادة الثواب، ولا يلزم من نفيها نفي الإرادة.
قوله: ﴿الذين يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ الناس بالبخل﴾. تقدم نظيره في سورة «النساء».
قال القرطبي: «الذين» في موضع خفض نعتاً للمختال.
وقال ابن الخطيب: بدل من قوله: «كل مُخْتَال».
وقيل: رفع بالابتداء، فهو كلام مستأنف لا تعلق له بما قبله.
والمعنى: الذين يبخلون فالله غني عنهم.
قيل: أراد رؤساء اليهود الذين بخلوا ببيان صفة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في كتبهم لئلا يؤمن به النَّاس، فتذهب مأكلتهم.
قاله السُّدي والكلبي.
فيكون «الذين» مبتدأ، وخبره محذوف يدلّ عليه قوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ الله هُوَ الغني الحميد﴾.


الصفحة التالية
Icon