أي: أنت عليَّ محرمة لا يحلّ لي ركوبك نقله القرطبي.
ونقل ابن الخطيب عن صاحب «النظم» : أنه ليس مأخوذاً من الظَّهر الذي هو عضو من الجسد؛ لأنه ليس الظَّهر بأولى بالذكر في هذا الوضع من سائر الأعضاء التي هي مواضع المباضعةِ والتلذُّذ، بل الظهر هاهنا مأخوذ من العُلوّ، ومنه قوله تعالى: ﴿فَمَا اسطاعوا أَن يَظْهَرُوهُ﴾ [الكهف: ٩٧] أي: يعلوه وكذلك امرأة الرجل ظهره؛ لأنه يعلوها بملك البضع وإن لم يكن ناحية الظَّهر، فكأن امرأة الرجل مركب للرجل وظهر له.
ويدلُّ على صحة هذا المعنى ما نقل عن العرب أنهم يقولون في الطلاق: نزلت عن امرأتي، أي: طلقتها، وفي قولهم: أنت عليّ كظهر أمي حذف وإضمار؛ لأن تقديره: ظهرك عليّ، أي ملكي إياك، وعلوي عليك حرام كما عُلوي على أمي وملكها عليّ.

فصل في حقيقة الظهار


حقيقة الظهار: تشبيه ظهر بظهر، والموجب للحكم منه تشبيه ظَهْر محلّل بظهر محرم، ولهذا أجمع الفقهاء على أنَّ من قال لزوجته: أنت عليَّ كظهرِ أمي، أنه مظاهر.
وقال أكثرهم، إذا قال لها: أنت عليّ كظهرِ ابنتي، أو أختي، أو من تحرم عليه على التأبيد من ذوات المحارم أنه مظاهر.

فصل في ألفاظ الظهار


وألفاظ الظِّهار: صريح وكناية:
فالصريح: أنت علي كظهر أمي، وأنت عندي، وأنت منّي، وأنت معي كظهر أمي، وكذلك أنت عليَّ كبطن أمي، أو كرأسها أو فرجها ونحوه، وكذلك فرجك، أو رأسك، أو ظهرك، أو بطنك، أو رجلك عليَّ كظهر أمي، فهو مظاهر مثل قوله: يدك، أو رجلك، أو رأسك، أو فرجك طالق تطلق عليه، ومتى شبهها بأمّه، أو بإحدى جداته من قبل أبيه، أو أمه فهو ظهار بلا خلاف، وإن شبهها بغيرهن من ذوات المحارم التي لا تحلّ له بحال كالبنت، والأخت، والعمة، والخالة كان مظاهراً عند أكثر الفقهاء.
والكناية: أن يقول: أنت عليَّ كأمي، أو مثل أمي، فإنه يعتبر فيه النية، فإن أراد الظهار كان ظهاراً، وإن لم ينو الظهار لم يكن مظاهراً على خلاف في ذلك، فإن شبه امرأته بأجنبيّة، فإن ذكر الظهر كان ظهاراً، وإن لم يذكر الظهر، فقيل: يكون ظهاراً.


الصفحة التالية
Icon