نسلم أن ادِّعاء التقديم والتأخير لا حاجة إليه؛ لأنه خلاف الأصل.
الثالث: أن «اللام» بمعنى «إلى»، و «اللام» و «إلى» يتعاقبان، قال تعالى: ﴿هَدَانَا لهذا﴾ [الأعراف: ٤٣]، وقال: ﴿فاهدوهم إلى صِرَاطِ الجحيم﴾ [الصافات: ٢٣] وقال: ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى لَهَا﴾ [الزلزلة: ٥] وقال: ﴿وَأُوحِيَ إلى نُوحٍ﴾ [هود: ٣٦] قاله الأخفش.
الرابع: أنها بمعنى «في»، نقلها أبو البقاء، ومع ذلك فهي متعلقة ب «يعودون».
الخامس: أنها متعلقة ب «يقولون».
[قال مكي: وقال قتادة: ثم يعودون لما قالوا من التحريم فيحلونه، فاللام على هذا تتعلق ب «يقولون» ].
قال شهاب الدين: «ولا أدري ما هذا الذي قاله مكي، وكيف فهم تعلقها ب» يقولون «على تفسير قتادة، بل تفسير قتادة نص في تعلقها ب» يعودون «، وليس لتعلقها ب» يقولون «وجه».
ونقل القرطبي عن الفرَّاء قال: اللام بمعنى «عن» والمعنى: ثم يرجعون عما قالوا، ويريدون الوطء.
وقال أبو مسلم: العود هو أن يحلف أولاً على ما قال من لفظ الظهار، فلو لم يَحْلف لم تلزمه كفارة كما لو قال في المأكول: هو عليَّ حرام كَلَحْمِ الآدمي فلا كفَّارة عليه، فإذا حلف عليه لزمته كفارة يمين.
وهذا ضعيف؛ لأن الكفَّارة قد تجب بالجماعِ في الحجّ، وفي رمضان، وفي قتل الخطأ، ولا يمين هناك.
قوله: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ أي: فعلية إعتاق رقبةٍ، يقال: حرَّرته، أي: جعلته حرًّا، ثم هذه الرقبة يجب أن تكون كاملة سالمة من كل عيب، ومن كمالها إسلامها كالرَّقبة في كفَّارة القتل، فإذا أعتق نصفي عبدين لم يجزه.
وقال الشافعي: يجزيه لأنَّ النِّصفين في معنى العبد الواحد؛ ولأن الكفَّارة في العتقِ طريقها المال، فجاز أن يدخلها التَّبعيض كالإطعام، ودليل الأول قوله: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ وهذا الاسم عبارة عن شخص واحد، وبعض الرقبة ليس رقبة؛ ولأنه لو أوصى رجلين أن يحجا عنه حجة لم يجز أن يحجّ واحد منهما نصفها، ولو أوصى أن يشتري رقبة فيعتق