قال الزَّجَّاج: «ذلك» فيه وجهان:
الأول: أنه في محل رفع، أي: الغرض ذلك الذي وصفنا من التَّغليظ في الكفَّارة، «لتُؤمِنُوا» أي: لتصدقوا أن الله أمر به.
الثاني: فعلنا ذلك للبيان والتعظيم للأحكام لتصدقوا بالله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والعمل بشرائعه، ولا تستمروا على أحكام الجاهلية من جعل الظهار أقوى أنواع الطَّلاق.
فصل في أن الكفارة إيمان بالله تعالى
استدلّ بعض العلماء على أنَّ هذه الكفَّارة إيمان بالله تعالى؛ لأنه لما ذكرها وأوجبها، قال جل ذكره: ﴿لِتُؤْمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ﴾، أي: ذلك لتكونوا مطيعين لله تعالى واقفين عند حدوده لا تتعدّوها، فسمى التكفير إيماناً؛ لأنه طاعة، ومراعاة للحد، فثبت أن كل ما أشبهه فهو إيمان.
فصل في معنى الآية
معنى قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ﴾ أي: لئلا تعودوا للظِّهار الذي هو منكر من القول وزور.
قيل له: قد يجوز أن يكون كلاهما مقصوداً، فيكون المعنى: ذلك لئلا تعودوا، فتقولوا المنكر والزور، بل تدعونهما طاعة لله - سبحانه وتعالى - إذ كان قد حرمهما، ولتجتنبوا المظاهر منها إلى أن تكفروا إذا كان الله منع من مَسِيْسهَا وتكفروا إذا كان الله - عَزَّ وَجَلَّ - أمر بالكفَّارة، وألزم إخراجها منكم، فتكونوا بهذا كله مؤمنين بالله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لأنها حدود تحفظونها وطاعات تؤدّونها، والطَّاعة لله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إيمان بالله ورسوله.
فصل في إدخال العمل تحت مسمى الإيمان
قال ابن الخطيب: استدل من أدخل العمل في مسمى الإيمان بهذه الآية، فقال: إن الله - تعالى - أمرهم بها ليصيروا بعملها مؤمنين، فدل على أن العمل من الإيمان، ومن أنكر ذلك قال: إنه - تعالى - لم يقل: ذلك لتؤمنوا باللَّهِ بعمل هذه الأشياء، ونحن نقول: المعنى «ذلك لتؤمنوا بالله» والإقرار بهذه الأحكام.
فصل فيمن استدل بهذه الآية على أن أفعال الله معللة بالأغراض
استدلت المعتزلة في قوله تعالى «لتؤمنوا» على أن فعل الله معلل بالغرض، وعلى