بدر» من المهاجرين والأنصار فجاءنا أناس من أهل «بدر» وقد سبقوا إلى المجلس فقاموا قبالة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم، فعرف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ما يحملهم على القيام، وشقّ ذلك على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لمن حوله من غير أهل «بدر» :«قُمْ يا فُلانُ» بعدد القائمين من أهل «بدر» فشقّ ذلك على من قام، وعرف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الكراهة في وجوههم. فقال المنافقون: والله ما عدل على هؤلاء أن قوماً أخذوا مجالسهم، وأحبوا القرب منه، فأقامهم وأجلس من أبْطَأ، فنزلت الآية يوم الجمعة.
وروي عن ابن عبَّاس قال نزلت الآية في ثابت بن قيس بن شماس، وذلك أنه دخل المسجد، وقد أخذ القوم مجالسهم، وكان يريد القرب من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ للوَقْر الذي كان في أذنيه، فوسعوا له حتى قرب من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثم ضايقه بعضهم وجرى بينهم وبينه كلام ووصف الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ محبته للقرب منه ليسمع كلامه، وإن فلاناً لم يفسح له، فنزلت هذه الآية.
قوله تعالى: ﴿تَفَسَّحُواْ فِي المجالس﴾.
قرأ الحسن، وداود بن أبي هند، وعيسى، وقتادة: «تَفَاسحُوا»، والباقون: «تَفَسَّحوا» أي: توسعوا والفُسْحة: السَّعة، وفسح له: أي وسع له، ومنه قولهم: «بلد فسيحٌ» ولك في كذا فسحة، وفسح يَفْسَحُ، مثل: «مَنَعَ يَمْنَعُ» أي: وسع في المجلس، و «فَسُحَ يَفْسُحُ فَسَاحَةً» مثل: «كَرُمَ يَكْرُمُ كرامة» أي: صار واسعاً، ومنه مكان فسيح.
وقرأ عاصم: «في المجالس» جمعاً اعتباراً بأن لكلّ واحد منهم مجلساً.
والباقون: بالإفراد إذ المراد مجلس الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وهو أحسن من كونه واحداً أريد به الجمع، وقرىء: «في المَجْلَس» - بفتح اللام - وهو المصدر، أي: تفسحوا في جلوسكم، ولا تتضايقوا.

فصل في أن الآية عامة في كل مجلس خير


قال القرطبي: الصحيح في الآية أنها عامة في كل مجلس اجتمع المسلمون فيه


الصفحة التالية
Icon