يجلوا عن أوطانهم ويخْلُوهَا للمسلمين، أو يصالحون على جزيةٍ يؤدّونها عن رءوسهم، أو مال غير الجزية يفتدون به من سفكِ دمائهم، كما فعله بنو النضير حين صالحوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على أن لكل ثلاثة منهم حمل بعير مما شاءوا سوى السلاح، ويتركوا الباقي، فهذا المال هو الفيءُ، وهو ما أفاء الله على المسلمين، أي: رده من الكفار على المسلمين».
وقوله: «مِنْهُمْ» أي: من يهود بني النضير.
قوله: ﴿فَمَآ أَوْجَفْتُمْ﴾.
الفاء جواب الشرط، أو زائدة، على أنها موصولة متضمنة معنى الشَّرط، و «ما» نافية.
والإيْجَاف: حمل البعير على السَّير السريع، يقال: وجف البعير والفرس إذا أسرع، يَجِفُ وجْفاً ووَجِيفاً ووجفَاناً، وأوجفته أنا إيجافاً، أي: أتعبته وحركته.
قال العجاج: [الرجز]
٤٧٤٢ - نَاجٍ طَوَاهُ الأيْنُ مِمَّا وجَفَا... وقال نصيب: [الطويل]
٤٧٤٣ - ألاَ رُبَّ رَكْبٍ قَدْ قطَعْتُ وجيفَهُمْ | إلَيْكَ ولوْلاَ أنْتَ لَمْ يُوجفِ الرَّكْبُ |
«من» زائدة، أي: خيلاً، والرِّكاب: الإبل، واحدها: راحلة، ولا واحد لها من لفظها.
قال ابن الخطيب: والعرب لا يطلقون لفظ الرَّاكب إلاَّ على راكب البعير، ويسمون راكب الفرس فارساً.
والمعنى: لم تقطعوا إليها شُقَّة، ولا لقيتم بها حرباً ولا مشقة، وإنما كانت من «المدينة» على ميلين قاله الفراء. فمشوا إليها مشياً ولم يركبوا خيلاً، ولا إبلاً إلا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقيل: إنه ركب جملاً.