وإن جاء بلفظ الإيتاء وهو المناولة، فإن معناه الأمر بدليل قوله تعالى] :﴿وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا﴾.
فقابله بالنهي، ولا يقابل النهي إلا بالأمر، بدليل ما تقدم، مع قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ «إذَا أمَرتكُمْ بشَيءٍ فأتُوا مِنْهُ ما اسْتطعْتُمْ، وإذَا نَهيْتُكُمْ عن شَيْءٍ فانتهُوا».
قوله: ﴿واتقوا الله﴾ أي: عذاب الله، إنه شديد لمن عصاه.
وقيل: اتقوا الله في أوامره ونواهيه، فلا تضيعوها، ﴿فإِنَّ الله شَدِيدُ العقاب﴾.
قوله تعالى: ﴿لِلْفُقَرَآءِ﴾ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه بدل من «لِذي القُربى». قاله أبو البقاء والزمخشري.
قال أبو البقاء: «قيل: هو بدل من» لذي القُرْبى «وما بعده».
[وقال الزمخشري: بدل من «لذي القُرْبى» وما عطف عليه]، والذي منع الإبدال من «لله وللرسول» والمعطوف عليهما، وإن كان المعنى لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن الله - عَزَّ وَجَلَّ - أخرج رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من الفقراءِ في قوله: ﴿وَيَنصُرُونَ الله وَرَسُولَهُ﴾ وأن الله - تعالى - يترفع برسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن تسميته بالفقيرِ، وأن الإبدال على ظاهر اللفظ من خلاف الواجب في تعظيم الله عَزَّ وَجَلَّ.
يعني أنه لو قيل: بأنه بدل من «الله ورسوله» صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وهو قبيح لفظاً، وإن كان المعنى على خلاف هذا الظاهر كما قيل: إن معناه لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وإنما ذكر الله - عَزَّ وَجَلَّ - تفخيماً، وإلا فالله - تعالى - غني عن الفيء وغيره، وإنما جعله بدلاً من «لذي القُربى» ؛ لأنه حنفي، والحنفية يشترطون الفقر في إعطاء ذوي القربى من الفيءِ.
الثاني: أنه بيان لقوله تعالى: ﴿والمساكين وابن السبيل﴾ [الحشر: ٧]، وكررت لام الجر لما كانت