وقال ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول: «إذا رأيتم الَّذين يسُبُّونَ أصْحَابِي فقُولُوا: لَعَنَ اللَّه شَرَّكُم».
وقال العوام بن حوشب: أدركت هذه الأمة يقولون: اذكروا محاسن أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حتى تتآلف عليهم القلوب، ولا تذكروا ما شجر بينهم فتجسروا الناس عليهم.
وقال الشعبي: تفاضلت اليهود والنَّصارى على الرافضة بخصلة، سئلت اليهود: من خير أهل ملتكم؟ فقالوا: أصحاب موسى - صلوات الله وسلامه عليه -، وسئلت النصارى: من خير أهل ملتكم؟ فقالوا: أصحاب عيسى - صلوات الله وسلامه عليه -، وسئلت الرافضة، من شرُّ أهلِ ملتكم؟ فقالوا: أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم، فالسيف عليهم مسلولٌ إلى يوم القيامة لا تقوم لهم راية، ولا يثبت لهم قدم، ولا تجتمع لهم كلمة، كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله بسفكِ دمائهم وإدحاض حجتهم، أعاذنا الله وإياكم من الأهواء المضلَّة.
﴿وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ﴾ أي: حسداً وبغضاً، ﴿رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ﴾. للتبليغ فقط بخلاف قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ﴾ [العنكبوت: ١٢] فإنها تحتمل ذلك وتحتمل العلة.

فصل


قال القرطبي رَحِمَهُ اللَّهُ: هذه الآية سبب التعجب من اغترار اليهود لما وعدهم المنافقون من النصر معهم مع علمهم بأنهم لا يعتقدون ديناً ولا كتاباً.
قال المقاتلان: يعني عبد الله بن أبيّ ابن سلول، وعبد الله بن نبتل، ورفاعة بن زيد، وقيل: رفاعة بن تابوت، وأوس بن قيظي، كانوا من الأنصار ولكنهم نافقوا، ومالوا ليهود قريظة والنضير.
والإخوان: هم الإخوة، وهي هنا تحتمل وجوهاً:
أحدها: الأخوّة في الكفر؛ لأن اليهود والمنافقين اشتركوا في عموم الكفرِ بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
وثانيها: الأخوّة بسبب المصادقة والموالاة والمعاونة.


الصفحة التالية
Icon