قال شهاب الدين: والزمخشري إنما أراد الوجه الأول بدليل قوله: «وَفِي مُوسَى» معطوف على «وَفِي الأَرْضِ»، أو على قوله: «وَتَرَكْنَا فِيهَا» وإنما قال: على جهة تفسير المعنى لا الإعراب. وإنما أظهر الفعل تنبيهاً على مغايرة الفعلين يعني أن هذا الترك غير ذاك الترك، ولذلك أبرزه بمادة الجَعْل دون مادة الترك ليظهر المخالفة.
الرابع: أن يعطف على ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ﴾ [الذاريات: ٢٤] تقديره: وفي حديث موسى إذْ أَرْسَلْنَاهُ: وَهُوَ مناسب، لأن الله تعالى جمع كثيراً بين ذكر إبراهيم وموسى - عليهما الصلاة والسلام - (كقوله تعالى) :﴿أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ موسى وَإِبْرَاهِيمَ الذي وفى﴾ [النجم: ٣٦ - ٣٧]، وقال: ﴿صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وموسى﴾ [الأعلى: ١٩] قاله ابن الخطيب.

فصل


المعنى: لك في إبراهيم تسلية وفي موسى، أو لقومك في لوط وقومه عبرة، وفي موسى وفرعون، أو تَفَكَّرُوا في إبراهيم ولوط وقومهما وفي موسى وفرعون. هذا إن عطفناه على (معْلُوم، وإن عطفناه) على مذكور فقد تقدم آنفاً. و «السلطان المبين» الحجة الظاهرة.
قوله: «إذْ أَرْسَلْنَاهُ» يجوز في هذا الظرف ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون منصوباً ب «آيَة» على الوجه الأول؛ أي تركنا في قِصة موسى علامةً في وقتِ إرسالنا إيَّاهُ.
الثاني: أنه يتعلق بمحذوف لأنه نعت لآيةٍ، أي آية كائنة في وقت إرسالنا.
الثالث: أنه منصوب ب «تَرَكْنَا».
قوله: «بِسُلْطَانٍ» يجوز أن يتعلق بنفس الإرسال، وأن يتعلق بمحذوف على أنه حال إما من موسى وإما من ضميره أي ملتبساً بسُلطان وهو الحُجَّة. و «المبين» الفارق بين سِحْر السَّاحِرِين وأمْر المُرْسَلِينَ.
ويحتمل أن يكون المراد بالمبين أي البراهين القاطعة التي حَاجَّ بِهَا فِرْعَوْنَ.


الصفحة التالية
Icon