قوله: ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ﴾.
فيه وجهان:
أظهرهما: أن «عليهم» هو المفعول الثاني للحسبان، أي واقعة وكائنة عليهم ويكون قوله: ﴿هُمُ العدو﴾ جملة مستأنفة، أخبر الله عنهم بذلك.
والثاني: أن يكون «عليهم» متعلقاً ب «صَيحةٍ» و «هُمُ العَدُوُّ» جملة في موضع المفعول الثاني للحسبان.
قال الزمخشري: «ويجوز أن يكون» هُمُ العَدُوُّ «هو المفعولُ الثَّاني كما لو طرحت الضمير.
فإن قلت: فحقه أن يقال: هي العدُوُّ، قلت: منظور فيه إلى الخبر كما في قوله: ﴿هذا رَبِّي﴾ [الأنعام: ٧٧]، وأن يقدر مضافٌ محذوفٌ أي: يحسبون كل أهلِ صيحةٍ» انتهى.
وفي الثاني بعد بعيد.
فصل
وصفهم الله تعالى بالجُبْنِ والخَوَر.
قال مقاتل والسدي: إذا نادى مناد في العسكر أن أنفلتت دابة، أو أنشدت ضالّة ظنوا أنهم هم المرادون، لما في قلوبهم من الرعب.
كما قال الأخطل: [الكامل]
٤٧٧٣ - مَا زِلْتَ تَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ بَعْدَهُمْ | خَيْلاً تكرُّ عَليْهِمُ ورِجَالا |
وقيل: يَحْسَبُونَ كُلَّ صيحةٍ يسمعونها في المسجد أنها عليهم، وأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد أمر فيها بقتلهم، فهم أبداً وجلُون من أن ينزل الله فيهم أمراً يبيح به دماءهم، ويَهْتِكُ به أسْتارهُم، ثم وصفهم الله بقوله ﴿هُمُ العدو فاحذرهم﴾ حكاه عبد الرحمن بن أبي حاتم.