فصل في ختم الآية ب «لا يفقهون»


قال ابن الخطيب: فإن قيل: ما الحكمةُ في أنه تعالى ختم الآية الأولى بقوله: «لا يَفْقَهُونَ» وختم الثَّانية بقوله: «لاَ يَعْلمُونَ» ؟.
فالجواب: ليعلم بالأولى قلة كياستهم وفهمهم، وبالثانية حماقتهم وجهلهم، ولا يفقهون من فِقهَ يَفْقَهُ، كعلِمَ يَعْلَمُ، أو من فقُهَ يَفقهُ، كعَظُمَ يَعظُمُ، فالأول لحصولِ الفقه بالتكلُّفِ، والثاني لا بالتكلُّفِ، فالأول علاجيٌّ، والثاني مزاجي.
قوله
تعالى
: ﴿يا
أيها
الذين آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ الله﴾
.
حذَّر المُؤمنين أخلاق المنافقين، أي: لا تشتغلوا بأموالكم كما فعل المُنافقُون إذ قالُوا - لأجْلِ الشُّحِّ بأموالهم -: ﴿لاَ تُنفِقُواْ على مَنْ عِندَ رَسُولِ الله حتى يَنفَضُّواْ﴾.
وقوله: ﴿عَن ذِكْرِ الله﴾.
أي: عن الحجِّ والزكاة.
وقيل: عن قراءة القرآن.
وقيل: عن إدامة الذكر.
وقال الضحاك: عن الصلواتِ الخمس.
وقال الحسنُ: عن جميعِ الفرائضِ، كأنه قال: عن طاعة الله.
وقيل: هذا خطاب للمنافقين، أي: آمنتم بالقول فآمنوا بالقلب، ﴿وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ يشتغل بالمالِ والولدِ عن طاعةِ ربهِ ﴿فأولئك هُمُ الخاسرون﴾.
قوله: ﴿وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ﴾.
قال ابن عباس: يُريدُ زكاة الأمْوالِ.


الصفحة التالية
Icon