الشرط الذي يدل عليه التمني، ولا موضع له هنا لأنَّ الشرط ليس بظاهر، وإنما يعطف على الموضع بحيث يظهرُ الشرطُ، كقوله: ﴿مَن يُضْلِلِ الله فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٦] فمن جزم عطفه على موضع ﴿فلا هَادِي لَه﴾ ؛ لأنه لو وقع موقعه فعل لانجزم «انتهى.
وهذا الذي نقله سيبويه هو المشهور عند النحويين.
ونظَّر ذلك سيبويه بقول زهير رحم الله المؤمنين: [الطويل]٤٧٧٧ - بَدَا لِيَ أنِّي لَسْتُ مُدْرِكَ ما مَضَى | ولا سَابِقٍ شَيْئاً إذَا كَانَ جَائِيَا |
فخفض» ولا سابقٍ «عطفاً على» مدركٍ «الذي هو خبرُ» ليس «على توهم زيادة الباء فيه قد كثر جرّ خبرها بالباء المزيدةِ، وهو عكسُ الآية الكريمة؛ لأنه في الآيةِ جزم على توهُّم سقوطِ الفاءِ، وهنا خفض على توهُّم وجود الباء، ولكن الجامع توهم ما يقتضي جواز ذلك.
قال شهاب الدين:» ولكني لا أحب هذا اللفظ مستعملاً في القرآن الكريم، فلا يقال: جزم على التوهم لقبحه لفظاً «.
وقال أبو عبيد: رأيت في مصحف عثمان» أكن «بغير واو.
وقد فرق أبو حيان بين العطف على الموضع والعطف على التوهم فقال:» الفرقُ بينهما أنَّ العامل في العطف على الموضع موجودٌ، وأثره مفقودٌ، والعامل في العطفِ على التوهم مفقود، وأثره موجود «. انتهى.
قال شهاب الدين:» مثال الأول «هذا ضارب زيد وعمراً» فهذا من العطف على الموضع فالعامل وهو «ضارب» موجود، وأثره وهو النصب مفقود، ومثال الثاني ما نحن فيه، فإن العامل للجزم مفقود وأثره موجود، وأصرحُ منه بيتُ زهيرٍ، فإن الباء مفقودةٌ وأثرُها موجود، ولكن أثرها إنما ظهر في المعطوفِ لا في المعطوفِ عليه، وكذلك في الآية الكريمة، ومن ذلك أيضاً بيت امرىء القيس: [الطويل]
٤٧٧٨ - فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مِنْ بَيْنِ مُنْضِجٍ | صَفِيفِ شِواءٍ أو قَدِيدٍ مُعَجَّلِ |
فإنهم جعلوه من العطف على التوهُّم، وذلك أنه توهّم أنه أضاف
«منضج» إلى
«صفيف» وهو لو أضافه إليه فجره فعطف
«قديدٍ» على
«ضعيفٍ» بالجر توهماً لجرّه بالإضافة «.