وفي الصحيح من حديث ابن مسعود: «وإنَّ أحَدَكُمْ ليَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ حتَّى ما يكُونَ بَيْنَهُ وبَيْنَهَا إلاَّ ذِرَاعٌ أو باعٌ فيَسبقُ عليْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بعَملِ أهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وإن كان أحَدُكُمْ ليَعْمَلُ بِعَملِ أهْلِ النَّارِ حتَّى ما يكُونَ بَيْنَهُ وبَيْنَهَا إلاَّ ذراعٌ أو باعٌ فَيَسْبِقُ عليْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمِل أهْلِ الجنَّةِ فَيدخُلُهَا».
وفي صحيح مسلم عن سهل بن سعد الساعدي: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: «إنَّ الرَّجُلَ ليَعملُ عَمَلَ أهْلِ الجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو للنَّاسِ وهُوَ مِنْ أهْلِ النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ ليَعْمَلُ عَمَلَ أهْلِ النَّارِ فيمَا يَبْدُو للنَّاسِ وهُوَ من أهْلِ الجَنَّةِ».
قال القرطبي رَحِمَهُ اللَّهُ: قال علماؤنا: والمعنى تعلق العلم الأزلي بكل معلوم، فيجري ما علم وأراد وحكم، فقد يريد إيمان شخص على عموم الأحوال، وقد يريده إلى وقت معلوم، وكذلك الكفر. وقيل: في الكلام محذوف تقديره: فمنكم كافر ومنكم مؤمن ومنكم فاسق، فحذف لما في الكلام من الدلالة عليه.
قاله الحسن.
وقال غيره: لا حذف فيه؛ لأن المقصود ذكر الطرفين.
وقيل: إنه خلق الخلق ثم كفروا وآمنوا، والتقدير: «هُو الَّذي خَلقُكُمْ»، ثم وصفهم فقال: ﴿فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ﴾ كقوله تعالى: ﴿والله خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي على بَطْنِهِ وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِي على رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي على أَرْبَعٍ﴾ [النور: ٤٥] الآية، قالوا: فالله خلقهم مؤمنين وكافرين لما وصفهم بفعلهم في قوله ﴿فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ﴾، واحتجوا بقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «كُلُّ مَولُودٍ يُولَدُ على الفِطرةِ فأبواهُ يَهوِّدانهِ ويُنصِّرانهِ ويُمْجِّسانِهِ».
قال البغوي: وروينا عن ابن عباس عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «إن الغلامَ الذي قَتلهُ الخضِرُ طُبعَ كافراً».
وقال تعالى: ﴿وَلاَ يلدوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً﴾ [نوح: ٢٧].
وروى أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: «وكل اللَّهُ بالرَّحمِ مَلكاً، فيقُولُ: أي: ربِّ نُطفَةٌ،


الصفحة التالية
Icon