قوله: ﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾.
قرأ العامة: بضم صاد «صُوركم»، وهو القياس في فعله.
وقرأ زيد بن علي والأعمش، وأبو رزين: بكسرها، وليس بقياس وهو عكس لُحَى - بالضم - والقياس «لِحى» بالكسر.

فصل


معنى «وَصَوَّركُمْ» يعني آدم - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - خلقه بيده كرامة له. قاله مقاتل.
وقيل: جميع الخلائق، وقد مضى معنى التصوير، وأنه التخطيط والتشكيل.
فإن قيل: كيف أحسن صوركم؟.
قيل: بأن جعلهم أحسن الحيوان كلِّه وأبهاه صورة، بدليل أن الإنسان لا يتمنى أن تكون صورته على خلاف ما يرى من سائر الصُّور، ومن حسن صورته أنه خلق منتصباً غير منكب كما قال - عزَّ وجلَّ -: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: ٤] كما يأتي إن شاء الله تعالى.
قال ابن الخطيب: فإن قيل: قد كان من أفراد هذا النوع من كان مشوه الخِلقة سمج الصورة؟.
فالجواب: لا سماجة لأن الحسن في المعاني، وهو على طبقات ومراتب، فانحطاط بعض الصور عن مراتب ما فوقه لا يمنع حسنه، فهو داخل في خير الحسن غير خارج عن حده. قوله ﴿وَإِلَيْهِ المصير﴾. أي: المرجع، فيجازي كلاًّ بعمله.
قال ابن الخطيب: فإن قيل: قوله تعالى: ﴿وَإِلَيْهِ المصير﴾ يوهم الانتقال من جانب إلى جانب، وذلك على الله تعالى مُحال؟.
فالجواب: أن ذلك الوهْمَ بالنسبة إلينا وإلى زماننا لا بالنسبة إلى ما يكون في نفسه بمعزل عن حقيقة الانتقال إذا كان المنتقل منزهاً عن الجانب والجهة.
قوله: ﴿يَعْلَمُ مَا فِي السماوات والأرض وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ﴾. تقدم نظيره.
قال ابن الخطيب: إنه - تعالى - نبَّه بعلمه ما في السماوات وما في الأرض، ثم


الصفحة التالية
Icon