فإن قيل: ما الحكمة في قوله تعالى: ﴿وَبِئْسَ المصير﴾ بعد قوله: ﴿خَالِدِينَ فِيهَآ﴾ وذلك بئس المصير؟.
والجواب: أن ذلك وإن كان في معناه فلا بد من التصريح [بما] يؤكده.
فصل
لما ذكر ما للمؤمنين ذكر ما للكفار فقال:
﴿مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله﴾ أي: بإرادته وقضائه.
وقال الفراء: يريد إلا بأمر الله.
وقيل: إلا بعلم الله.
وقيل: سبب نزول هذه الآية: أنَّ الكُفَّار قالوا: لو كان ما عليه المسلمون حقًّا لصانهم الله عن المصائب في الدنيا فبيّن الرب تعالى أن ما أصاب من مصيبة في نفس أو مال أو قول أو فعل يقتضي همّاً أو يوجب عقاباً آجلاً أو عاجلاً فبعلم الله وقضائه.
فإن قيل: بم يتصل قوله: ﴿مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله﴾ ؟.
فالجواب: يتعلق بقوله: ﴿فَآمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ﴾ [التغابن: ٨] كما أن من يؤمن بالله يصدق بأنه لا تصيبه مصيبة إلا بإذن الله.
قوله: ﴿وَمَن يُؤْمِن بالله﴾ يصدق ويعلم أنه لا تصيبه مصيبة إلا بإذن الله ﴿يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ للصبر والرضا.
وقيل: يثبته على الإيمان.
وقال أبو عثمان الجيزي: من صح إيمانه يهد الله قلبه لاتباع السنة.
وقيل: ﴿وَمَن يُؤْمِن بالله يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ عند المصيبة فيقول: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٥٦]. قال ابن جبير.
وقال ابن عباس: هو أن يجعل في قلبه اليقين ليعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه.