﴿إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ نظرتُ إلى هذينِ الصَّبيَّين يمشيان ويعثُرانِ فلمْ أصْبِرْ حتَّى قطعتُ حديثي ورَفعتُهُمَا ثُمَّ أخَذَا في خُطْبَتِهِ».
﴿والله عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾. يعني: الجنة، فلا أعظم أجراً منها.
قوله: ﴿فاتقوا الله مَا استطعتم﴾.
قال قتادة، والربيع بن أنس، والسُّدي، وابن زيد: هذه الآية ناسخة لقوله ﴿اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ [آل عمران: ١٠٢].
ذكر الطبري عن ابن زيد في قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ [آل عمران: ١٠٢] قال: جاء أمر شديد، قال: ومن يعرف هذا ويبلغه، فلما عرف الله أنه اشتد ذلك عليهم نسخها عنهم، وجاء بهذه الآية الأخرى فقال: ﴿فاتقوا الله مَا استطعتم﴾.
وقال ابن عباس: هي محكمة لا نسخ فيها، ولكن حق تقاته أن تجاهد لله حق جهاده ولا تأخذهم في الله لومة لائم ويقوموا لله بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم وأبنائهم.
فإن قيل: إذا كانت الآية غير منسوخة، فكيف الجمع بين الآيتين، وما وجه الأمر باتقائه حق تقاته مطلقاً من غير تخصيص، ولا مشروط بشرط، والأمر باتقائه بشرط الاستطاعة؟.
فالجواب: أن قوله تعالى: ﴿فاتقوا الله مَا استطعتم﴾ معناه فاتقوا الله أيها الناس وراقبوه فيما جعله فتنة لكم من أموالكم وأولادكم أن تغلبكم فتنتهم وتصدكم عن الواجب لله عليكم من الهجرة من أرض الكفر إلى أرض الإسلام فتتركوا الهجرة وأنتم مستطيعون، وذلك أن الله - تعالى - قد كان عذر من لم يقدر على الهجرة بتركها، لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الذين تَوَفَّاهُمُ الملائكة ظالمي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] إلى قوله: ﴿فأولئك عَسَى الله أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ﴾ [النساء: ٩٩]، فأخبر أنه قد عفا عمن لا يستطيعون حيلة، ولا يهتدون سبيلاً بالإقامة في دار


الصفحة التالية
Icon