وقال أبو حيان: «هو على حذف مضاف، أي: لاستقبال عدتهن، واللام للتوقيت، نحو: لقيته لليلة بقيت من شهر كذا» انتهى.
فعلى هذا تتعلق اللام ب «طلقوهن».
وقال الجرجاني: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ صفة للطَّلاق.
كيف يكون، وهذه اللام تجيء لمعان مختلفة؟
للإضافة، وهي أصلها، أو لبيان السبب والعلة، كقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله﴾ [الإنسان: ٩].
أو بمعنى «عند» كقوله تعالى: ﴿أَقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ الشمس﴾ [الإسراء: ٧٨] أي: عنده.
وبمنزلة «في» كقوله تعالى: ﴿أَخْرَجَ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الحشر﴾ [الحشر: ٢]، أي: في أول الحشر.
وهي في هذه الآية بهذا المعنى، لأن المعنى: فطلقوهن في عدتهن، أي: في الزمان الذي يصلح لعدتهن.

فصل في قوله: لعدتهن


قال القرطبي: قوله: «لعدَّتِهِنَّ» يقتضي أنهن اللاتي دخل بهن الأزواج، لأن غير المدخول بهن خرجن بقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إِذَا نَكَحْتُمُ المؤمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ [الأحزاب: ٤٩] وحصل الإجماع على أن الطلاق في الحيض ممنوع منه، وفي الطهر مأذون فيه، وهذا يدل على أن القرء هو الطهر.
فإن قيل: معنى قوله: «فطَلِّقُوهُنَّ لعِدَّتِهِنَّ» أي: في قُبُل عدتهن، أو لقبل عدتهن وهي قراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كما قال ابن عمر، فقبول العدة آخر الطهر حتى يكون القرء الحَيْض؟.
قيل: هذا هو الدليل الواضح لمن قال: بأن الأقْراءَ هي الأطْهَار، ولو كان كما قال الحنفي، ومن تابعه لوجب أن يقال: إن من طلق في أول الطهر لا يكون مطلقاً لقبل الحيض لأن الحيض لم يُقْبِل بعد، وأيضاً إقبال الحيض يكون بدخول الحيض، وبانقضاء الطهر لا يتحقق إقبال الحيض، ولو كان إقبال الشيء إدبار ضده لكان الصائم مفطراً قبل


الصفحة التالية
Icon