وقال أبو حنيفة: ذلك في المتوفى عنها زوجها، وأما المطلقة فلا تخرج ليلاً ولا نهاراً. وهذا مردود بحديث فاطمة بنت قيس «لما قدمت أرسل زوجها أبو حفص بن عمرو بتطليقة كانت بقيت من طلاقها، وأرسل إليها وكيله بشير فسخطته، فقال لها الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة: والله ما لك من نفقة إلا أن تكوني حاملاً، فأتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فذكرت له قولهما، فقال: لا نفقة لك»، وفي رواية: «ولاَ سَكَنَ»، فاستأذنت في الانتقال، فأذن لها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم، فلما انقضت عدتها أنكحها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أسامة بن زيد، فأرسل إليها مروان قبيصة بن ذؤيب يسألها عن الحديث، فحدثته، فقال مروان: لم نسمع بهذا الحديث إلا من امرأة سنأخذ بالعصْمَةِ التي وجدنا النَّاس عليها، فقالت فاطمة حين بلغها قول مروان: فبيني وبينكم القرآن، قال الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ﴾، قالت: هذا لما كانت له رجعة، لقوله: ﴿لعلّ الله يحدث بعد ذلك أمراً﴾، فأي أمر يحدث بعد الثَّلاث؟ فكيف تقولون: «لا نَفقَةَ إذَا لَمْ تَكُنْ حامِلاً، فعلام تَحبسُونهَا» لفظ مسلم.
فبين أن الآية في تحريم الإخراج، والخروج إنما هو في الرجعية.
فاستدلّت فاطمة أن الآية إنما تضمنت النهي عن خروج المطلقة الرجعية لأنها بصدد أن يحدث لمطلقها رأي في ارتجاعها ما دامت في عدتها فكانت تحت تصرف الزوج في كل وقت.
وأما البائن فليس له شيء في ذلك، فيجوز أن تخرج إذا دعتها لذلك حاجة.
قوله: ﴿إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ﴾.
قال ابن عباس، وابن عمر، والحسن، والشعبي، ومجاهد: هو الزِّنا، فتخرج ويقام عليها الحد.
وعن ابن عباس أيضاً: أنه البذاء على أحمائها، فيحل لهم إخراجها.
وعن سعيد بن المسيب أنه قال في فاطمة: تلك امرأة استطالت على أحمائها بلسانها فأمرها النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - أن تنتقل.