وقرأ المفضل: «بالغاً» بالنصب، «أمرُه» بالرفع. وفيه وجهان:
أظهرهما: وهو تخريج الزمخشري: أن يكون «بالغاً» نصباً على الحال، و ﴿قَدْ جَعَلَ الله﴾ هو خبر «إن» تقديره: إن الله قد جعل لكل شيء قدراً بالغاً أمره.
والثاني: أن يكون على لغة من ينصب الاسم والخبر بها، كقوله: [الطويل]
٤٧٨٢ -........................................... إنَّ حُرَّاسنَا أسْدَا
ويكون «قَدْ جَعَلَ» مستأنفاً كما في القراءة الشهيرة.
ومن رفع «أمره» فمفعول «بالغ» محذوف، تقديره: ما شاء، كما تقدم في القرطبي.

فصل في معنى الآية


قال مسروق: يعني قاضٍ أمره فيمن توكل عليه وفيمن لم يتوكل عليه إلا أن من توكل عليه يكفر عنه سيئاته، ويعظم له أجراً.
قوله: ﴿قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً﴾.
قيل: إن من قوله تعالى: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾ إلى قوله: ﴿مَخْرَجاً﴾ آية، ومنه إلى قوله تعالى: ﴿قَدْراً﴾ آية أخرى، وعند الكوفي والمدني المجموع آية واحدة.
وقرأ جناح بن حبيش: «قَدراً» بفتح الدال.
والمعنى: لكل شيء من الشدة والرخاء أجلاً ينتهي إليه.
وقيل: تقديراً.
وقال السدي: هو قدر الحيض في الأجل والعدة.
وقال عبد الله بن رافع: لما نزل قوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ فقال أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «فَنَحْنُ إذَا توكلنَا عليْهِ يُرسِلُ مَا كَانَ لَنَا وَلاَ نَحْفَظُهُ»، فنزلت: ﴿إِنَّ الله بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ فيكم وعليكم.
وقال الربيع بن خيثم: إنَّ الله قضى على نفسه أن من توكل عليه كفاه، ومن آمن به


الصفحة التالية
Icon