روى الدارقطني في سننه عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النبي إلى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً﴾، قال: «اطلعت حفصة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مع أم إبراهيم، فقال:» لا تُخبري عائِشَة «، قال: فانطلقت حفصة فأخبرت عائشة فأظهره اللَّهُ عليه،» فَعرَّف بعضهُ، وأعْرَضَ عن بَعْضٍ «، قال: أعرض عن قولها:» إن أباك وأباها يكُونانِ خَليفَتيْنِ مِنْ بَعْدِي «»، كره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن ينشر ذلك بين الناس.
﴿فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ﴾ أخبرت عائشة لمصافاة كانت بينهما، وكانتا متظاهرتين على زوجات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ﴿وَأَظْهَرَهُ الله عَلَيْهِ﴾ أي: أطلعه الله على أنها قد نبأت به.
قوله: ﴿فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ﴾.
أصل «نَبَّأ وأنْبَأ، وأخبر وخبّر، وحدّث» أن يتعدى لاثنين [إلى] الأول بنفسها، وإلى الثاني بحرف الجر، وقد يحذف الجار تخفيفاً، وقد يحذف الأول للدلالة عليه، وقد جاءت الاستعمالات الثلاثة في هذه الآية فقوله: ﴿فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ﴾ تعدى لاثنين، حذف أولهما، والثاني مجرور بالباء، أي: «نَبَّأتْ بِهِ غيْرهَا»، وقوله: ﴿فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ﴾ ذكرهما، وقوله: ﴿مَنْ أَنبَأَكَ هذا﴾ ذكرهما، وحذف الجار.
وقرأ طلحة بن مصرف: «فلمَّا أنْبَأت»، وهما لغتان «نَبَّأ وأنْبَأ».
قوله: ﴿عَرَّفَ بَعْضَهُ﴾.
قرأ الكسائي: بتخفيف الراء.
قال القرطبي: «وبها قرأ علي، وطلحة بن مصرف، وأبو عبد الرحمن السلمي وقتادة والكلبي والأعمش عن أبي بكر».
قال عطاء: كان أبو عبد الرحم السلمي إذا قرأ عليه الرجل «عَرَّفَ» مشددة حصبه بالحجارة.
وقرأ الباقون: بتشديد الراء.
فالتثقيل يكون المفعول الأول معه محذوفاً، أي «عرَّفَهَا بَعْضَه»، أي: وقفها عليه على سبيل العَتْب.


الصفحة التالية
Icon