الضمير في «يَقْبِضنَ» قاله أبو البقاء. والأول أظهر.
وقرأ الزهريُّ: بتشديد السِّين.

فصل في معنى: يقبضن


قوله: «ويَقْبِضْنَ».
أي: يضربن بها لجنوبهن.
قال أبو جعفر النحاس: يقال للطائر إذا بسط جناحية: صاف، وإذا ضمها فأصاب جنبه قابض، لأنه يقبضهما.
قال أبو خراش الشاعر: [الطويل]
٤٨٠٣ - يُبَادِرُ جُنْحَ اللَّيْلِ فهو مُوائِلٌ يَحُثُّ الجَناحَ بالتَّبسُّطِ والقبْضِ
وقيل: ويقبضن أجنحتهن بعد بسطها إذا وقفن من الطيران.
وقوله «ما يُمسِكُهنَّ» أي: ما يمسك الطير في الجو وهي تطير إلا الله عَزَّ وَجَلَّ ﴿إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾.
قال ابن الخطيب: وفيه وجهان:
الأول: المراد من «البصير» كونه عالماً بالأشياء الدقيقة، كما يقال: فلان له بصر في هذا الأمر، أي: حذق.
والثاني: أن يجري اللفظ على ظاهره، فتقول: ﴿إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾ فيكون رائياً لنفسه، ولجميع الموجودات وهذا الذي يقوله أصحابنا: إنه تعالى شيء يصح أن يكون مرئياً، وأن كل الموجودات كذلك، فإن قيل: البصير إذا عدي بالباء يكون بمعنى العالم، يقال: فلان بصير بكذا إذا كان عالماً قلنا: لا نسلم، فإنه يقال: إن الله سميع بالمسموعات بصير بالمبصرات.

فصل


في قوله تعالى ﴿مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرحمن﴾ دليل على أن الأفعال الاختيارية للعبد مخلوقة لله تعالى، لأن استمساك الطير في الهواء فعل اختياري له، وقد نسبه للرحمن.
قوله: ﴿أَمَّنْ هذا الذي﴾.
قرأ العامة: بتشديد الميم على إدغام ميم «أمْ» في ميم «مَنْ» و «أمْ» بمعنى «بَلْ» لأن بعدها اسم استفهام، وهو مبتدأ، خبره اسم الإشارة.


الصفحة التالية
Icon