وسعيد بن جبير وعيسى بخلاف عنه: بفتحها.
فالأولى على التقاء الساكنين، ولا يجوز أن يكون مجروراً على القسم حذف حرف الجر وبقي عمله، كقولهم «اللَّهِ لأفعلَنَّ»، لوجهين:
أحدهما: أنه مختص بالجلالة المعظمة نادر فيما عداها.
والثاني: أنه كان ينبغي أن ينون، ولا يحسن أن يقال: هو ممنوع الصرف اعتباراً بتأنيث السورة، لأنه كان ينبغي ألاَّ يظهر فيه الجر بالكسر ألبتة.
وأما الفتح، فيحتمل ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون بناء، وأوثر على الأصل للخفة ك «أين وكيف».
الثاني: أن يكون مجروراً بحرف القسم المقدر على لغة ضعيفة، وقد تقدم ذلك في قراءة «فالحقّ والحقِّ» [ص: ٨٤]، بجرّ «الحقّ»، ومنعت الصرف اعتباراً بالسورة.
والثالث: أن يكون منصوباً بفعل محذوف، أي: ، اقرأوا نوناً ثم ابتدأ قسماً بقوله: «والقَلمِ» أو يكون منصوباً بعد حذف حرف القسم؛ كقوله: [الوافر]
- ٤٨٠٧............................ فَذَاكَ أمَانَةَ اللَّهِ الثَّريدُ
ومنع الصرف لما تقدم، وهذا أحسن لعطف العلم على محله.
قوله: ﴿وَمَا يَسْطُرُونَ﴾.
«ما» موصولة، اسمية أو حرفية، أي: والذي يسطرونه من الكتب، وهم الكتَّاب والحفظة من الملائكة وسطرهم.
والضمير عائد على من يسطر لدلالة السياق عليه ولذكر الآلة المكتتب بها.
وقال الزمخشري يجوز أن يراد بالقلم أصحابه فيكون الضمير في «يَسْطُرونَ» لهم.
يعني فيصير كقوله: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ﴾ [النور: ٤٠] تقديره: أو كذي ظلمات فالضمير في «يغْشَاه» يعود على «ذي» المحذوف.

فصل في المراد بالقلم


في «القلم» المقسم به قولان:
أحدهما: أن المراد به الجنس، وهو واقع على كل قلم يكتب به في السماء والأرض، قال تعالى:
﴿وَرَبُّكَ الأكرم الذى عَلَّمَ بالقلم عَلَّمَ الإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق: ٣، ٤، ٥]،


الصفحة التالية
Icon