فصل في تفسير «سنسمه»


قال ابن عباس: «سَنَسِمُهُ» سنحطمه بالسَّيفِ، قال: وقد حطم الذي نزلت فيه يوم بدرِ بالسيف، فلم يزل محطوماً إلى أن مات.
وقال قتادةُ: سنسمهُ يوم القيامة على أنفه سِمَةً يعرفُ بها، يقال: وسمه وسماً وسمة إذا أثرت فيه بسمة وكيّ.
قال الضحاك: سنكويه على وجهه، وقد قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ [آل عمران: ١٠٦] فهي علامة ظاهرة، وقال تعالى: ﴿وَنَحْشُرُ المجرمين يَوْمِئِذٍ زُرْقاً﴾ [طه: ١٠٢] وهذه علامة أخرى ظاهرة. وأفادت هذه الآية علامة ثالثة، وهي الوسم على الأنف بالنار، وهذا كقوله: ﴿يُعْرَفُ المجرمون بِسِيمَاهُمْ﴾ [الرحمن: ٤١].
قاله الكلبي وغيره وقال أبو العالية ومجاهدٌ: ﴿سَنَسِمُهُ عَلَى الخرطوم﴾ أي على أنفه، ويسودُّ وجهه في الآخرة، فعرف بسواد وجهه.
قال القرطبيُّ: «والخرطوم: الأنف من الإنسان، ومن السباع موضع الشفة، وخراطيم القوم: سادتهم».
قال الفراء: وإن كان الخرطومُ قد خُصَّ بالسِّمة فإنَّهُ في الوجه لأن بعض الشيء يعبر به عن الكل.
وقال الطبريُّ: نبين أمره تبياناً واضحاً، فلا يخفى عليهم كما لا تخفى السِّمةُ على الخراطيم.
وقال: المعنى: سنلحق به عاراً وسبة حتى يكون كمن وسم على أنفه.
قال القتيبي: تقول العرب للرجل يُسَبُّ سبة سوءٍ قبيحة باقية قد وسم ميسم سوء، أي: ألصق به عار لا يفارقه، كما أن السمة لا يمحى أثرها.
وهذا كلهُ نزل في الوليد بن المغيرة، ولا شك أنَّ المبالغة العظيمة في ذمه بقيت على وجه الأرض الدهر، ولا يعلم أن اللَّه تعالى بلغ من ذكر عيوب أحد ما بلغ منه، فألحق به عاراً لا يفارقه في الدنيا والآخرة كالوسم على الخرطوم.


الصفحة التالية
Icon