عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -. وقد مضى الفرق بين «ذي» و «صاحب» في «يونس».
قوله: ﴿إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾.
«إذْ» منصوب بمضاف محذوف، أي: ولا يكن حالك كحاله، أو قصتك كقصته في وقت ندائه، ويدل على المحذوف أن الذوات لا ينصبُّ عليها النهي على أحوالها، وصفاتها.
وقوله: ﴿وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾. جملة حالية من الضمير في «نَادَى».
والمكظوم: الممتلىء حزناً وغيظاً، ومنه كظم السقاء إذا ملأه.
قال ذو الرمة: [البسيط]

٤٨٣٦ - وأنْتَ مِنْ حُبِّ مَيٍّ مُضْمِرٌ حَزَناً عَانِي الفُؤادِ قَريحُ القَلْبِ مَكْظُومُ

فصل في دعاء يونس


«إذْ نَادَى»، أي: حين دعا من بطن الحوتِ، فقال: ﴿لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين﴾ [الأنبياء: ٨٧].
قال القرطبي: ومعنى ﴿وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾ أي: مملوء غمًّا.
وقيل: كرباً، فالأول قول ابن عباس ومجاهد، والثاني: قول عطاء وأبي مالك، قال الماورديُّ: والفرق بينهما أن الغمَّ في القلب، والكرب في الأنفاس.
وقيل: «مَكْظُومٌ» محبوس، والكظم: الحبس ومنه قولهم: كَظَمَ غَيْظَهُ، أي: حبس غضبه، قاله ابن بحر.
وقيل: «إنه المأخوذ بكظمه وهو مجرى النفس، قاله المُبرِّدُ».
والمعنى: لا يوجد منك ما وجد منه من الضجر، والمغاضبة، فتبتلى ببلائه.
قوله: ﴿لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ﴾.
قال ابن الخطيب: لِمَ لَمْ يَقُلْ: تداركته نعمة؟ وأجاب: بأنه إنما حسن تذكير الفعل لفصل الضمير في «تَدَاركَهُ». ولأن التأنيث غير حقيقي.


الصفحة التالية
Icon