بذكر من كذب بها، وما حل بهم بسبب التكذيبِ تذكيراً لأهل «مكةَ» وتخويفاً لهم من عاقبةِ تكذيبهم.
وقيل: عنى بالقارعةِ: العذاب الذي نزل بهم في الدنيا، وكان نبيُّهم يخوفهم بذلك، فيكذبونه وثمودُ قوم صالح، وكانت منازلهم ب «الحجر» فيما بين «الشام» و «الحجاز».
قال ابن إسحاق: هو وادي «القرى»، وكانوا عرباً، وأما عادٌ فقوم هود، وكانت منازلهم ب «الأحقاف»، و «الأحقاف» : الرمل بين «عمان» إلى «حَضْرمَوْتَ» و «اليمن» كله، وكانوا عرباً ذوي بسطةٍ في الخلق وقد تقدم ذلك في «الأحقاف».
قوله: ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بالطاغية﴾. هذه قراءةُ العامةِ.
وقرأ زيدُ بن عليٍّ: «فَهَلكُوا» مبنياً للفاعل.
وقوله: «بالطاغية» فيه إضمار أي: بالفعلة الطَّاغية.
وقال قتادةُ: بالصَّيحةِ الطاغية المتجاوزةِ للحدِّ، أي: لحد الصيحاتِ من الهولِ، كما قال: ﴿إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ المحتظر﴾ [القمر: ٣١].
و «الطغيانُ» : مجاوزة الحدِّ، ومنه ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَا المآء حَمَلْنَاكُمْ﴾ [الحاقة: ١١]، أي: جاوز الحدَّ.
وقال ابن زيدٍ: بالرجل الطَّاغية، وهو عاقرُ الناقةِ، و «الهاء» فيه للمبالغة على هذه الأوجه صفة.
والمعنى: أهلكوا بما أقدم عليه طاغيهم من عقر الناقة وكان واحداً، وإنما هلك الجميعُ؛ لأنهم رضوا بفعله، ومالئوه.
وقيل له: طاغية كما يقال: فلان راويةٌ وداهيةٌ وعلامةٌ ونسابةٌ.
ويحتمل أن يقال: بسبب الفِرقةِ الطاغيةِ، وهم: التسعة رهطٍ، الذين كانوا يفسدون في الأرض، ولا يصلحون، وأحدهم عاقرُ الناقة.
وقال الكلبيُّ: «بالطَّاغيةِ» : بالصَّاعقةِ.
وقال مجاهدٌ: بالذُّنوبِ.